زاد الاردن الاخباري -
خاص ــ أنس القطاطشة
لا يكفي ان نقول عند حدوث حالة من غياب القانون والاحتكام الى العنف واحراق الممتلكات العامة والخاصة وازهاق الدم في الاردن تلك العبارة المنمقة المحفوظة عن ظهر قلب :" سنعمل على دراسة الاسباب التي تؤدي الى تكرار حالات العنف الاجتماعي!"
ما يحدث يا سادة يا كرام ليس عنف اجتماعي بقدر ما هو غياب سيادة القانون والاحتكام الى قانون الغاب واحتقانات الشارع الاردني ..،ما يحدث هو افرازات خطيرة جدا لواقع اخطر ..افرازات لا يمكن اغفالها ولا تُحل بالدراسات الاكاديمية والبحوث المسحية والاستطلاعات الميدانية ، ما يحدث لا حل له سوى سيادة القانون ، السيادة الحقيقية ونبذ سياسة "جبر الخواطر "..والاستغناء عن استراتيجية "مشيها المره هاي ..!"
لا تكاد تهدء بقعة من تراب الاردن الطاهر حتى تُسقى بقعه اخرى من دماء الاردنين.. والاجراء السريع انزال الدرك وعطوه امنيه، والمسلسل مستمر..من السلط الى معان مرورا بالرصيفة - الرزقاء وقبل ذاك في الكرك وفي النهاية ينتقل العنف واستخدام الايدي والتكسير والخراب الى الجامعات التي اصبحت حاضنة للعنف، العنف الذي ولد في المجتمع وبات يتررع وينمو في الجامعات وما حدث مؤخرا في الجامعة الاردنية ليس آخرها!
اليوم مات ثلاث مواطنين اردنين في محافظة معان وبالامس مات طالب جامعي في السلط وما بين اليوم والامس تفوح رائحة مسيل الدموع في محافظات واحياء الاردن الآمن المستقر، ماذا ينتظر رئيس الحكومة ورؤوساء الاجهزة الامنية في الاردن دون استثناء؟!
ما حاجت مواطن اردني عادي لسلاح رشاش او "شبريه" مرصعه وعن ماذا سيدافع وبيده السلاح الاوتوماتيكي؟!
اين نحن ذاهين؟!
المملكة الاردنية الهاشمية دولة قائمة منذ العام 1921 ومر على وجودها ما يقارب الـ90 عاما ولا زلنا نتحدث عن سياسة الفزعة وثورة الدم ونواجه مشكلة الانفلات الامني واحراق سيارات الامن العام والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وفي كل مره تفتح الحكومة ووزارة الداخلية والامن العام تحقيقا ولم يحدث ان تم الاعلان عن نتائج التحقيق او ايداع المتسبب ليحتكم الى القانون والقضاء!
شعور المواطن وفي اي مجتمع كان بالغبن وان القانون لم يوفر له الحصول على حقه يدفعه وبالضرورة الى ازاحة القانون الى الجانب المظلم في المعادلة والاحتكام الى لغة اليد التي تطول في احيان كثيرة الى ما بعد المنطق والعقل..
ليس صعبا ايجاد الحلول الجذرية لهكذا سلوكيات اصبحت تفجر الشارع وتعكس صورة هي الابشع لصور الانفلات الامني ولكن وعلى ما يبدو ان الصعوبة والاستحالة تكمن لدى الحكومة والاجهزة الامنية في تشخيص الحالة وعدم الاعتراف بوجودها من الاصل وهنا تكمن الخطورة الحقيقية!
احتقانات الشارع الاردني هي نتاج الحالة الاقتصادية والسياسية والتي باتت تبحث عن متنفس تفك به غصتها فتجد مبتغاها في ما سمى بـ"العنف الاجتماعي" وتغيب سيادة القانون في لحضات يكون فيها التأزيم في امس الحاجة الى القانون ،من هنا يجب الحديث ومن هذه الزاوية تكون البداية..
جاء في السرد القصصي البدوي الذي يحمل العبر ان شابان تجادلا حول حكمة والد كل منهما ..، فقال الاول : ابي يحل المشكلة مهما كانت معقده ...
فرد عليه الثاني بهدوء يبدو انه ورثه عن والده : ولكن والدي يحل المشكلة قبل وقوعها..