.. في آذار من العام 2009 قررت الحكومة السابقة زيادة رواتب الوزراء العاملين والمتقاعدين بمقدار 1500 دينار بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها ، أي زيادة بلغت ضعف ما يتقاضاه الوزير المتقاعد و ما يعادل 40% من رواتب الوزراء العاملين ، فيما حالف الشعب زيادة رواتب بلغت ما نسبته 7% فقط بسبب تلك الأزمة التي لم يتضرر منها كثيرا كما هي الحال لدى الوزراء !!!
و مع إطلالة العام الجديد وإطلالة عجز جديد في الميزان التجاري الأردني والدين العام الذي بلغ على ذمة رئيس الوزراء ووزير المالية 15.5 مليار دولار ( ولا ندري كيف قفز الى ذلك المبلغ الخيالي ) ، لم ينسى رئيس الحكومة هموم المواطن ومعاناته والآمه التي يئن تحتها فسارع للمطالبة بضرورة دراسة الرواتب التقاعدية للسادة الوزراء باعتبارها أولى اهتماماته لفئة اجتماعية عانت ما عانت منه كسائر الفئات من اثأر الأزمة الاقتصادية العالمية والمحلية ! وكان رئيس الوزراء وفي خطوة اعتبرها المراقبون ايجابية لصالح أداء الحكومة قرر في اذار من العام الماضي حينها تخفيض رواتب الوزراء بنسبة 20% ( 600 دينار ) على ان توضع تلك الأموال في رصيد وزارة التنمية للمساعدة في تنفيذ برامجها التنموية والإنسانية ، واعتقدنا واهمون أن الحكومة تقوم بدورها و مسؤولياتها الدستورية تجاه التحديات التي تواجه بلدانها بحلول تشاركيه بالدرجة الأولى ، فهلل لها من هلل من بعض الإعلاميين والكتاب واعتبروها خطوة في الاتجاه الصحيح علما أن الوزير يتلقى مكافأة ربع سنوية ( كل 3 أشهر ما يعادل عشرة ألاف دينار ) تضاف إلى راتبه الشهري البالغ متوسطه 3000 ألاف دينار لمساعدته في مواجهة الأعباء الاقتصادية التي يواجهها بسبب ظروف البلاد وأزمتها الاقتصادية !!! وبالتالي يصبح دخل الوزير العامل أكثر من 5.500 دينار شهري ناهيك عن بدل ضيافة وتنقلات وسفر وبدل مياومات ورئاسة لجان واجتماعات وغيرها مما يصل به لدخل شهري يتجاوز حاجز ال 8000 ألاف دينار شهري !! فيما يصل راتب الوزير المتقاعد الى 2500 دينار شهري أي ما يعادل 25 ضعف ما يتقاضاه الموظف البسيط على حساب التقاعد المدني
رئيس مجلس النواب من جانبه ومع إطلالة وبيانات العجز التجاري الأردني البالغ مليار ونصف المليار دينار لهذا العام وبمديونية خيالية قرر زيادة رواتب العاملين في مجلس النواب 100 دينار وتتراوح مكافآت موظفي المجلس ما بين 60-250 دينارا شهريا، حيث تمنح حسب الدرجة، بمعنى أن المكافآت ستتراوح بعد الزيادة بين 160 دينارا و350 دينارا، عدا عن الراتب الذي يتقاضاه الموظفون!!
عجز في الميزان التجاري الأردني يتحتم برأي الحكومة زيادة الضرائب والرسوم ورفع الدعم عن مواد أساسية تتعلق بحياة المواطن كالوقود والغذاء يقابله وبشكل غريب زيادة رواتب عالية لبعض موظفي الدولة ، والمسألة ليست مرتبطة بنظام او هيكلة او إستراتيجية تغيب عن أداء الحكومات كالعادة بل بمقدار ارتباطها بالشخص نفسه ، ونذكر هنا ان دولة السيد عبد الرؤوف الروابدة كان قرر صرف علاوة التعليم إلى جميع العاملين في وزارة التربية بعد ان كانت مجمدة لسنوات ، واستمر الحال مدة عامين كاملين ، ثم قرر خلفه وزير التربية خالد طوقان حرمان العاملين في التربية من تلك العلاوة وقرر تجميدها لأكثر من 8 سنوات ، ليس لأن الميزان التجاري لا يتحمل تلك الزيادة السنوية ( 5- 10 دنانير ) للفرد بل لولع الوزير ببرامج تربوية طارئة رصد لها أكثر من مليار دينار كان يمكن تجزئتها بسهوله ، ثم عادت تلك العلاوة من جديد بعد أزمة المعلمين ووزير التربية إبراهيم بدران ، ولا ندري هل ستستمر وتكتمل ام سيوقفها وزير تربية قادم !
هل غدت وزاراتنا ومؤسساتنا مزارع خاصة للوزراء والمدراء العامين ! وهل ستستمر حالة الانفلات والتسيب واتخاذ القرارات بعيدا عن خطط وبرامج إستراتيجية تستند عليها الحكومات ! ام سيستمر الحال تارة بضبط النفقات وتارة أخرى بالفلتان الذي نعيشه هنا او هناك ، نحن لسنا ضد زيادة رواتب العاملين بأجهزة الدولة ، ولسنا ضد تحسين ظروفهم المعشية ، لكننا ضد الانتقائية التي تميز بين أفراد الوطن العاملين في أجهزة الدولة المختلفة ، فالنار وارتفاع الأسعار وضنك العيش أصابت الجميع دون استثناء ، فحرمان البعض من حقوق نقابية او معيشية ومنحها لفئة اخرى هي انتقائية بل وعدائية لا مبرر لها ، ولا ادل من ذلك على واقع معيشة المعلمين وحقوقهم النقابية والمعيشية التي لم تتدهور وحدها فحسب بل ساقت معها واقع تربوي يعيش أزمة مأساوية و غير صحية لواقع لتعليم في بلادنا ضحاياها طلبة واسر ومؤسسات ووطن ...