أصبحنا نترحم على ايام ابا جهل الذي كان يحمي كل من حوله دون أن يستطيع أحد من الاساءة لهم وان كان يحمل في قلبه شركا يعتد به ويجهر به….. الا انه كان حاميا لما حولة ولا يسفك الدماء الا اذا تم الاعتداء على حرماته التي يؤمن بها وحينها كان لا يفرق بين شجر وحجر ,, فهو من لا يعرف الحلال ولا الحرام وكل الأمور سيان بالنسبة له ...
نحن اصبحنا نعيش (( جاهلية دموية )) وفتنة ما تكاد تنام الا أن توقظ مرة ثانية وثالثة ورابعة ومرات متتالية دون توقف وهي تنتشر كإنتشار النار بالهشيم لتنتقم من الشجر والحجر والبشر وكل ما يقف بطريقها بتغييب العقل والحكمة والواعية التي نحتاجها في مثل هذه المواقف بل يتغتيب عنا أهم ما نؤمن به وهي عقيدتنا الحنيفة التي لا نجد لها مكانا في صدورنا ولا في عقولنا عندما تهب نار الفتنة فنفتخر بالرصاص وبالدموية اكثر من افتخارنا بقرآننا ورسالة الحق من نبينا محمد علية الصلاة والسلام ,
عراك يتلوه حراك وحراك يتلوه جاهات ووجاهات ووجلوات عشائرية تحرم الكثير من العيش في بيوتهم آمنين مطمئنين وذنبهم أنهم من أنباء القربى فيساورهم القلق وعدم الأمان فيتركون كل ما يربطهم به ونقول لهم ارحلوا بحثا عن الأمان ,, ونتغنى بمجد تكاد تنهار اركانه الاجتماعية ونغمض اعيننا ونجافي الحقيقة ونبحث في المسائل فلا نشخص الأشياء كما هي ولا نضع إصبعنا على الجرح فمنهم من يضع فيه الملح ليثور مرات ومرات ولا يأنه لا للانسان ولا للوطن الذي ما يدفع كثيرا ثمن تلك الثورات المجنونة والتي يفقد بهها الكثير طريق الصواب ..
ان ظاهرة القبيلة والعصبية البغيضة التي ترافقها اصبحت نقطة ضعف تسكن قلبونا لتحركنا عند كل غضب فنتعجل من أمرنا ونســير النفس على هواها لتأخذنا الى طريق نسلكه بغياب عقولنا فنقتل ونحطم وندمر وعندما تهأ سريرتنا نتعوذ من (( الشيطان الرجيم )) الذي دائما هو شماعة أخطائنا وسلوكيات نرفض أن نتركها لضعف الوازع الديني لدينا .
اصبح الثأر هم وقلق لنا يسكن بين ظهرانينا فلا ترتاح النفس ولا تهدأ الا أن تثور براكينها في كل الاتجاهات وحينما تحرق وتقذف حممها اللاهبة تعود الى تلك المنطقة الوديعة الساكنة بالايمان وبالمحبة وعندها أيضا (( نتعوذ من الشيطان )) مئة مرة ولكن يكون بعد فوات الأوان وبعد أن غيبنا عقولنا عن مساحات العقلانية والادراك ,,
سلوكيات اشبه بالجاهلية لو وجد (( ابا لهب )) في عصرنا هذا لركض وراء متعه الدنيوية الزائدة ولما هم بقتل نفس واحدة من البشر لتغير العوامل المرافقة ,, ووسائلها الحضارية المتاحة لخدمة البشر بحيث لا نبقى نلقي باللائمة على الزمن ونضع أنفسنا على الرفوف او انها أحمال وديعة لا تؤمن بالشر وسمتها الغالبة الخير بينما – فوهات البراكين تخرج من روؤسنا وافواهنا عند كل لحظة طيش وغضب ,,,
نعم انا مع العشائرية التي تحافظ على مقدرات الوطن ومصالح أبنائه ومع العشائرية التي تبني الأركان ولا تهدمها ومع العشائرية المتصالحة مع الأخر وتؤمن بالقانون وتطبيقه بعدالة والجميع ان يكون تحت مضلته ومع تلك العشائرية التي تبني جسور المودة والتصالح وتحافظ على قيم المجتمع الخيرة والأصيلة ,, ..
اصبح العنف يهدد كيان المجتمع ويقلقنا في وحدته الحميمة التي اصبحت تتباعد بين الأخ وأخوة والابن وأبناءه بسبب الابتعاد عن كتاب الله وسنة نبيه التي تهذب النفوس وتدب الخير وتبعد عنا شراك الشر الذي لا تؤمن به النفس البشرية فلنصحى من هذه (( الجاهلية البغيضة )) ولنجعل مخافة الله بين أعيننا ولنتذكر ان هدر دم مؤمن عند الله أعظم من الكعبة ,, وسلم الله دماءكم التي نزفت ولا نريد لها سوى التوقف .. وكفانا قتلا لأرواح مصانة التي جعلت العقيدة السمحاء عقوبتها مغلظة - وإن اتباع منهج الله ورسولة أعظم من كل ما نؤمن به من عشائرية او طائفية أو غيرها من مسميات تقسم المجتمع ولا تصون وحدته وأمنه وإن كنا نتفاخر بها كثيرا ونذكرها صباح ومساء بينما ننتهك حرماتها في كل الأوقات فهل من مدرك لسوء العاقبة فيثبط نفسه من أن تسرح وتمرح على هواها لتدمر حياة الآخرين وتدمر مقدرات الوطن التي تبنى بدماء ابنائه ؟؟وتزهق ارواح الأبرياء بغير ذنب إقترفته اياديهم , وسلمكم الله من كل ثــورات النفس المجنونة التي لا نعرف الى أين تجرنا بينما نذرف الدموع بعد كل مصاب حين نستفيق من شرور أنفسنا..؟؟ ونر مي باللائمة على (( الشيطان )) ..
أحمد سلطان دولات
dolat19@ yahoo.com