بقلم احمد الطيب لا اعرف من اين ابدأ ولا ادري اين انتهي فمن الواضح اني ابتعد كثيرا عن الصحافة الاستقصائية لذلك انا محتار كثيرا كيف ابدأ الموضوع وكيف انتهي به ... على كل حال في اليوم الاول من هذا العام تعرضت والدتي اطال الله في عمرها الى حاله صحية طارئه حيث تعرضت الى جلطة مفاجئة .. ولان مستشفى البشير اقرب المستشفيات لدى شقيقتي التي كانت تزورها نقلتها الى طوارئ البشير .. عند وصولي الى المستشفى وجدت اخوتي وقد وصلوا من مدينة مادبا واذا بوالدتي بحاجة الى رعاية طبية طارئه والعديد من اخواني يصرخون على الكادر الصحي يطلبون منهم ان يقوموا بالاسعافات الطبية الازمة لحالة طارئة وخطيرة في نفس الوقت .. حاولت استيعاب الامر وطلبت منهم الهدؤ لاكتشف بعد اقل من دقائق ان كل ما قاموا به هو حق مقابل استهزاء الكادر الطبي في البشير لحاله طارئة جدا لام قد تفقد حياتها بسبب الاستهزاء الغير مبرر بحياة الناس لامرأه تعرضت لتو الى جلطة دماغية . نعم هذه هي مستشفى البشير التي تعتبر من اهم المستشفيات بالاردن .. طلبو منا ان نأخذ امرأه يتجاوز عمرها ال 65 عام الى الاشعه التي تبعد عن الطوارئ اكثر من كيلو متر بسيارتنا الخاصة بدون ان يعطونا كرسي لنقلها وعندما سألت الممرض عن سيارة الاسعاف التي تنقل المرضى الى الاشعة قال لي انصحك ان تأخذ والدتك الى الاشعة بسيارتك الخاص عكس ذلك سوف تنتظر لاكثر من ساعة حتى يأتي الاسعاف .. "تخيلوا ساعة كاملة لنقل مريض مجلوط لنأخذ له صورة تبين لنا مدى خطورة الوضع". حملناها بأيدينا بدون كرسي متحرك الى قسم الاشعه .. وكان الشاب المسؤول عن تصويرها يحتسي الشاي فطلب منا الانتظار لحين قضاء متعته الخاصة في ارتشاف الشاي .. اتصلت بأحد كبار المسؤولين في وزارة الصحة وهو صديق قديم وشرحت له الوضع وطلبت منه ان يتوسط عند مسؤول الاشعه لتصوير الحاله وبعد ان اتصل به حتى قام بعمله وأخذ لها صورة الأشعة، بعد ذلك كنا بحاجة ماسة لاخذ الصورة والذهاب بها الى الطبيب لوضعنا بصورة الحالة رفض مسؤول الاشعه تسليمنا الصورة الا في حال دفعنا 5 دنانير ونصف في قسم الاسعاف وهذا الكلام يعني اننا سنعود الى قسم الاسعاف والطوائ وندفع النقود ونعود الى الاشعه البعيدة عن قسم الاسعاف ونأخذ الصورة ونعود بها الى الطبيب مع والدتي التي تعرضت للتو الى جلطة للاطمئنان على حالتها وتقديم العلاج اللازم لها . تخيلوا فنجان من الشاي و5 دنانير ونصف والمسافه ما بين الاشعة والطوائ قد يودي بحياة انسان في الاردن .. تخيلوا كم الانسان رخيص في مستشفى البشير . فنجان شاي اهم من ان يقوم مسؤول الاشعه بتصوير حاله طارئة جدا .. قمنا بنقل امي على كرسي بلاستك من قسم الاشعة الى السيارة لنعود بها الى الطوارئ وبعد وصولنا طلبوا منا الذهاب بها الى قسم الصدرية وعندما سألت عن السبب للذهاب الى ذلك القسم "رغم ان حالتها بحاجة الى باطنية" قالو ان لا وجود للاسرة حملناها من جديد ورحنا بها على كرسي البلاستك الى قسم الصدرية ووجدنا سرير مكسور .. المهم سألنا عن الطبيب فقالت الممرضة (ليش مستعجلين اصبورا شوي هلا بيجي ) عندها فقد احد الموجودين اعصابه وكاد ان يضرب احد الممرضين ..تدخلت وهدأت الموقوف واتصلت بصديقي المسؤول الكبير في وزارة الصحة وتوسلت الى صديقي في الوزارة ان يتصل بالطبيب الذي حضر بعد نصف ساعة , واذا هو طبيب من الجنسية اليمنية قام بفحصها وقال لنا انها جلطه على الدماغ وطلب الادوية التي تستعملها .. بعد احضارنا الادوية اختفى الطبيب وعند سؤالنا عنه قالوا انه ذهب الى العشاء لنصبر اكثر من ساعة والطبيب لم يأتي، اتصلت مجددا مع الدكتور في وزارة الصحة وبعد ذلك جاء الطبيب ولم نفهم من حديثه شئ سوى ان الحاله الصحيه خطرة ولا يستطيع معرفة الوضع الكامل الا بعد 72 ساعة وانها الان تحت المراقبه الحثيثة . طبعا المعاناة لم تبدأ بعد ... حيث كان الحمام في القسم لا يصلح ان يستخدمه حيوان طلبنا من عامل النفايات تنظيفه الا انه رفض الا عندما اخذ ديناران لجيبه .. اردنا ان ندخل بعض الحاجيات الضرورية الا ان البواب رفض بشدة وقال ممنوع وبعد ان وضع بجيبه 5 دنانير بات الامر عادي .. المهم ان الطبيب الذي قال لنا ان الحاله ستبقى خلال ال 72 ساعة تحت المراقبة الحثيثة اختفى ولم يقاس ضغط الدم لها من الساعة الحادية عشر مساء الى الساعة السابعة صباحا وبعد ان اقمنا الدنيا على رؤسهم قاسوا الضغط وقالو لنا سيأتي الطبيب الاستشاري لفحصها جيدا وسيقوم باعطاء التقرير.. طبعا لغاية الساعة العاشرة والنصف لم يأتي الطبيب وعند زيارتي لها بعد ان اخذ البواب مبلغا من المال ليسمح لي ان ادخل وجدت ان حالتها اصبحت اسؤ بكثير واذا بها لا تقوى على الحديث ولا على الحراك حيث كانت حالتها افضل عند دخولها الى المستشفى . ذهبت الى الطبيب واخبرته اني سأنقلها الى مستشفى المدينه الطبية حيث انها منتفعه من تأمين القوات المسلحة قال لي ان وضعها لا يسمح بالنقل وان نقلها قد يزيد وضعها سوءا فقلت له مهما زاد وضعها ... لن يسوء اكثر من بقائها في( مسلخ البشير )..! بعد ان وقعت على نقلها على مسؤوليتي الكامله رفضوا اخراج سيارة اسعاف لنقلها فأحضرنا سيارة اسعاف من مستشفلى خاص على حسابنا وعند وصولها المدينه الطبية تم استقبالها على الفور واجروا لها فحوصات وصور وتم التعامل مع الحاله بمنتهى الحرفية واجتمع عدد من الاطباء الاستشارين وتم وضعها في قسم الباطنية جناح عائلات الضباط وتحت المراقبة وكان يتم قياس ضغطها كل نصف ساعة وبعد اقل من ست ساعات استجابت للعلاج واصبحت تتحدث معنا . عندها ادركت كم هو الانسان رخيص جدا في مستشفى البشير وكم هو غالي جدا جدا لدى الخدمات الطبية الملكية ادركت ان حياة الانسان لا تساوي قيمة سرير مكسور في البشير وان حياة الانسان في المدينة الطبية تساوي كل ما هو غالي في المدينة الطبية .. ادركت ان الانسان ارخص ما نملك في مستشفى البشير وان الانسان هو اغلى ما نملك في المدينة الطبية . الان ... امي والحمد لله تتماثل للشفاء في المدينة الطبية حيث عاد لسانها يطربنا بسماع صوتها ويدها وقدمها تتحرك بشكل جيد . ادعو لها بالشفاء هي وكل مرضانا وادعو الله ان تتحول المستشفيات الحكومية كما هي مستشفيات الخدمات الطبية الملكية .. وللحديث بقية