عمران السكران
عند انتهاء سماعك لكل نشرة أخبار تتراقص في رأسك أسئلة عدة تبحث عن أجوبة دامغة لتقتنع بمجريات الأحداث، ولكن متاعب الحياة قد تنسيك البحث عن الإجابة، بالإضافة إلى الحدث نفسه، على الرغم من فظاعته، وخبر حادثة كنيسة القديسين في الإسكندرية التي خلفت 21 ضحية وعشرات الإصابات طغت على متاعب الحياة تلك، وبقيت الأسئلة خائرة وحائرة تتلوى في كل الجهات أبرزها: لمصلحة من هذه التفجيرات وهذا العنف ضد مسيحيي الشرق؟؟؟!!!!.
وطبعا تسارعت بيانات الشجب والرفض لمثل هذه الجرائم التي تحدثت عن تسامح الإسلام ورفض لصق التهمة به، والعلاقات الأخوية بين المسلمين والمسيحيين على مر العصور، واتهام جهات خارجية على رأسها إسرائيل بالمسؤولية عن الحادث، وفي غمرة البيانات المتطايرة، والشجب المتشنج، والمهرجانات الخطابية، تناسينا أن هناك مخططاً استراتيجياً يتم تنفيذه بحرفية متناهية في دق \"إسفين\" العنصرية والتفرقة وتفتيت الدول العربية المفتتة أصلا، ولن يتوقف بوضع أوراق تلك البيانات والشجب في عجلتها في مصر والعراق ولبنان والجزائر والسودان وغيرها، بل نحتاج إلى وقفة صمت تفكيري في البداية وسريعة لتفتيت إسفلت طريق عجلة الفتنة التي تنفذ الآن لتشكيل شرق أوسط جديد مكون من \"كنتونات\" نعرف لمصلحة من تكون.
وهذه العجلة بدأت مع شرارة أحداث 11 سبتمبر، وغزو أفغانستان والعراق ومرت بتسريبات موقع \"ويكيليكس\" الذي أريد منها زيادة شق التفرقة بين السنة والشيعة، والتي بدأت مع غزو العراق والحبل على الجرار، وذلك من أجل زرع قنبلة الفتنة في جميع أركان الأمة العربية والإسلامية، لتحريكها وتوجيهها بـ\"الريموت كنترول\" في وقت يراد لها ذلك.
وشاهدنا عقب تفجيرات الإسكندرية إرهاصات الفتنة بعد خروج جماهير غاضبة، كما تناقلتها الأنباء على رأسها مهاجمة متظاهرين أقباط سيارات بعض أعضاء وفد إسلامي مصري رفيع المستوى في ساحة الكاتدرائية المرقصية بضاحية العباسية، وذلك بعد تقديم أعضائه العزاء للبابا شنودة الثالث بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في ضحايا الهجوم، وهذا دليل على ان الهدف هو مشاهدة مثل هذه الأحداث التي سوف تسفلت طريق عجلة الفتنة لتسير بسهولة نحو تفتيت المنطقة إلى دويلات خاوية.
ومن المفارقات ان الهجوم طال المسجد المواجه لكنيسة القديسين، وتأثرت أساساته جراء الانفجار القوي وتحطمت نوافذه، ليدل على ان مثل تلك الهجمات تستهدف في الدرجة الأولى إشاعة الفتنة وزعزعت العلاقات الوطيدة بين أركان الأمة.
والآن مطلوب من جميع الجهات سواء كانت شعبية أم رسمية وعلى كل المستويات الثقافية والفكرية والفطرية، الوقوف بحزم ضد هذا العبث الذي سيطال الإسلام أولا قبل كل شيء، ويطال من يعيش على ارض المنطقة بمسلميها ومسيحييها، ووأد تلك الفتنة في أرضهم قبل أن تطال الجميع، حيث أنهم عاشوا على الحلوة والمرة ويداً بيد، ودحروا كل من أراد العبث بمنطقتهم على مر القرون الماضية.