حماده فراعنه
في ضوء رفض نتنياهو وحكومته خوض المفاوضات مع المبعوث الأميركي جورج ميتشيل ، في قضايا الوضع النهائي ، وعجز الإدارة الأميركية عن إقناع الإسرائيليين للتقدم خطوات إلى الأمام بمسألتي الحدود والأمن ، وفشل واشنطن في دفع الإسرائيليين للتوقف عن الإستيطان ، وكذلك فشلهم في إرغام الإسرائيليين نحو بدء التفاوض من النقطة التي تم التوصل إليها بين منظمة التحرير وحكومة يهود أولمرت في عام 2008 ، تحول الموقف الأميركي إلى المطالبة بقبول فكرة المفاوضات المباشرة إستجابة للموقف الإسرائيلي ، ورضوخاً له .
نتنياهو زار واشنطن في تموز 2010 وما أن غادر واشنطن ، حتى إتصل الرئيس أوباما بالرئيس الفلسطيني يوم 9/7/2010 وقال له \" كان إجتماعي جيداً مع رئيس الوزراء نتنياهو ، وتحدثنا في تحقيق الهدف المشترك لإقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة تعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل \" .
وأضاف \" لتحقيق ذلك لابد من التحرك إلى المحادثات المباشرة خلال الأسابيع القادمة لخلق زخم ، وأريد المحادثات المباشرة أن تبدأ قريباً جداً ، لقد أصبح المناخ مواتياً للمحادثات المباشرة \" .
وفي نهاية المكالمة تم الإتفاق لإرسال المبعوث ميتشيل لإطلاع الرئيس الفلسطيني على الأفكار الأميركية الجديدة وعلى ما تم في اللقاء ما بين أوباما ونتنياهو . وجاء ميتشيل يوم 17/7/2010 ، حاملاً رسالة خطية من الرئيس الأميركي أوباما وسلمها للرئيس محمود عباس وتضمنت ما يلي :
1 - أكد الرئيس اوباما على الشراكة المستمرة بينه وبين الرئيس محمود عباس .
2 - كرر الرئيس اوباما التزامه وٕادارته بقوة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، متواصلة وقابلة للحياة، تعيش جنباً إلى جنب دولة إسرائيل بأمن وسلام، وان هذا أيضاً يعتبر هدفاً شخصياً للرئيس اوباما.
3 - ثمن الرئيس اوباما الجدية التي تعامل بها الرئيس عباس وفريقه مع المحادثات التقريبية وبما يشمل طرح مفاهيم لكافة قضايا مفاوضات الوضع النهائي.
4 - رحب الرئيس اوباما بجهود الرئيس عباس للوصول إلى المجتمع الإسرائيلي، وٕاعادة تأكيد الالتزامات الفلسطينية بحل الدولتين .
5 - شدد الرئيس اوباما ان المحادثات المباشرة تعتبر الطريق الوحيد للوصول إلى الهدف المشترك بإقامة الدولتين .
6 - أبدى الرئيس اوباما استعداده لعمل كل ما هو ممكن لجعل هذه المفاوضات ذات مصداقية ومستمرة وناجحة .
7 - أكد الرئيس اوباما أن إدارته سوف تلعب دورا نشطاً وفعالاً ومتواصلاً طوال فترة المحادثات وكذلك أثناء التطبيق.
8 - عبر الرئيس اوباما عن قناعته بان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو على استعداد للانخراط جدياً في مفاوضات حول الحدود والأمن ، وان على الرئيس عباس دراسة الاقترا حات التي سوف تطرحها إسرائيل بجدية .
9 - يلتزم الرئيس الأمريكي بان تتعامل المفاوضات مع الأراضي المحتلة عام 1967 ، وبما يشمل الضفة الغربية وقطاع غزة وغور الأردن والبحر الميت، القدس الشرقية والمناطق الحرام.
10- لن يدعم الرئيس اوباما ولا يستطيع دعم أي محاولة للاستعاضة عن المحادثات المباشرة بمناشدات للأمم المتحدة ( ! ) .
11- هناك عدد من خطوات بنا ء الثقة التي سوف تقوم بها الحكومة الإسرائيلية إضافةً إلى ما قامت به في قطاع غزة والخفض الحقيقي لنشاط البناء السكني في القدس الشرقية.
12- سيجد الرئيس اوباما صعوبة في تفهم رفض طلبه المحادثات المباشرة .
13- طلب من الطرفين تجنب أي أفعال من شأنها الإضرار بشكل كبير بالثقة المطلوبة للنجاح، وان تستمر المحادثات بغض النظر عن العقبات والصعوبات التي قد تنشأ.
14- أكد أن إدارته ستحمل الطرف الذي يحاول تقويض الثقة المسؤولية .
15- طلب الرئيس اوباما من الرئيس عباس استغلال الفرصة وعدم تضييعها.
16- أعاد الرئيس اوباما التأكيد بأن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة تعتبر مصلحة أمريكية عليا، وأنه سيعمل على إيجاد حلول لكافة قضايا الوضع النهائي ضمن سقف زمني لا يتجاوز 24 شهر اً .
17- سيتحدث الرئيس اوباما علناً با ن موقف الرئيس عباس يقوم على أساس حل الدولتين على حدود العام 1967 مع تبادل متفق عليه .
18 - ستطرح إدارة الرئيس اوباما أفكاراً لجسر الهوة في الوقت المناسب وعند الضرورة.
وإضافة إلى ما تضمنته رسالة الرئيس الأميركي أكد السيناتور ميتشيل أن البدء في المحادثات المباشرة سيعني قدرتهم على استمرار تجميد الاستيطان ، إما في حالة رفض المحادثات المباشرة فلن يتمكنوا من المساعدة ، واكد أنه سيكون هناك جدول أعمال مُتفق عليه للمُحادثات المُباشرة وأن السقف الزمني المطلوب سيكون أقل من عام على الرغم من ذكرنا لفترة 24 شهراً ، إضافة إلى ذلك لخص السيناتور ميتيشل للرئيس أبو مازن ما أسماه إجراءات بناء الثقة التي تنوي إسرائيل القيام بها في حال بدأت المُحاثات المُباشرة بالخطوات التالية :
1 - تخفيض اقتحام المناطق الفلسطينية من قبل القوات الإسرائيلية وان تمت فإن الذي سيصدر الأمر سيكون بريغادير جنرا ل فأعلى . 2- زيادة عدد افراد الشرطة الفلسطينية في مناطق (ب) والموافقة على إقامة محطات بوليس جديدة. 3 - نقل جزء من منطقة الروابي إلى منطقة (ب) . 4- الاستعداد للإفراج عن معتقلين للرئيس أبو مازن عند إتمام صفقة شاليط . 5- ستنفذ الإدارة الأمريكية 17 مشروعا في قطاع غزة وستنفذ الأمم المتحدة 12 مشروعاً وسيزداد دخول البضائع من معبر كارني بنسبة 50 بالمائة ومن معبر كرم أبو سالم بنسبة خمسة وستون بالمائة .
بعد اللقاء مع ميتشيل ، وتلقي الرئيس الفلسطيني رسالة خطية من الرئيس الأميركي حول ضرورة الإنتقال للمفاوضات المباشرة ، توجه الرئيس أبو مازن نحو العرب ، لوضع قياداتهم في صورة تطور الأوضاع السياسية ، وحول المفاوضات ، وخاصة مع العاهل الأردني ومع الرئيس المصري ، وطالب بعقد إجتماع للجامعة العربية على مستوى وزراء خارجية لجنة متابعة مبادرة السلام العربية يوم 29/7/2010 .
وأمام وزراء خارجية البلدان العربية في القاهرة قال الرئيس الفلسطيني :
\" أريد إطلاعكم على كافة المستجدات والتطورات التي حصلت مُنذ لقاءنا الأخير في شهر أيار/ مايو الماضي. كما تعلمون وكما شرحنا لكم في اللقاء السابق ، تسلمنا رسائل من الرئيس أوباما في 18 شباط و 21 نيسان 2010 ، أكد لنا فيها :-
1- المرجعية – ستكون \" 242 \" و \"338 \"و \" 1397\"و \"1515 \"، إنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967 لضمان إقامة دولة فلسطين المستقلة المتواصلة القابلة للحياة، لتعيش جنباً إلى جنب بأمن وسلام مع دولة إسرائيل. والأخذ بعين الاعتبار الاتفاقات الموقعة، خارطة الطريق، ومبادرة السلام العربية. اذ ان هذه المبادرة تعتبر عنصرحيوي في الجهود الدولية الرامية الى تعزيز التَوصل الى سلام شامل على جميع المسارات بما فيها المساران السوري واللبناني.
2 - أن محادثات التقريب ستشمل كافة قضايا الوضع النهائي ( القدس ، الحدود ، اللاجئين ، الأمن، المستوطنات ، والمياه).
3- السقف الزمني لهذه المُحادثات سيكون 24 شهراً لإنجاز كافة القضايا.
4- ان الإدارة الأمريكية ستُحاسب أي طرف يقوم بأعمال استفزازية كطرح عطاءات استيطانية جديدة في القدس الشرقية او اي اعمال استفزا زية مماثلة. وان الادارة الامريكية ستحمل المسؤولية . للطرف الذي يقوم باعمال استفزازية من شانها تقويض بناء الثقة لانجاح المحادثات.
5- التزام إسرائيل بعدم البناء في مستوطنة راموت شلومو طيلة فترة المحادثات النهائية ( 24 شهر اً).
6- التركيز في المحادثات التقريبية سيكون على موضوعي ( الحدود والأمن). لمدة أربعة أشهر.
7- الإدارة الأمريكية سيكو ن لها دور فعال ونشط وستطرح أفكارا لجسرالهوة.وقد اخذت بعين الاعتباران الجانب الفلسطيني لا يقبل خيار الدولة ذات الحدود المؤقتة .
8- عندما يحدث تقدم في المسألتين سيتم الانتقال إلى المحادثات المُباشرة.
وتابع الرئيس الفلسطيني حديثه لوزراء الخارجية العرب :
\" ووفقاً لهذه الأسس والتطمينات الأمريكية قررتم وقررنا إعطاء فرصة للمُحادثات التقريبية على الرغم من عدم قناعتنا بأن الحكومة الإسرائيلية راغبة في تحقيق السلام على أي مسار وبالفعل اتخذت اللجنة التنفيذية لمُنظمة التحرير الفلسطينية قرارا بالموافقة على المُحادثات التقريبية يوم 8 /5/2010 . وبدأت المُحادثات مع السيناتور ميتشيل يوم 9/5/2010 حيث صدربيان عن الإدارة الأمريكية يؤكد انطلاق المُحادثات التقريبية ويؤكد ( أن الانتقال إلى المُحادثات المُباشرة يتطلب إحراز تقدم في المُحادثات التقريبية). وهذا ما أكده لي الرئيس أوباما عندما التقيت به يوم 9/6/2010. وهذا ما تحدثتُ به أيضاً أمام الكونجرس ، وأمام القيادات اليهودية والصحافة الأمريكية ومركز بروكينجز \" .
\" خُضنا ست جولات في المحادثات التقريبية ، قدمنا مواقفنا بشأن قضايا الوضع النهائي : (القدس، الحدود ، المستوطنات، اللاجئين ، الأمن ، المياه ، إنهاء الصراع والإدعاءات (End of Conflict and end of claims) ، وأضفنا ورقة عمل عن الاسرى وجثث الشهداء التي لم تُسلم لنا ، وكذلك بالنسبة للتعويضات المطلوبة للأضرارالتي لحقت بشعبنا نتيجة للاحتلال مُنذُ عام 1967. ولا بد من التوضيح أن ما قدمناه هو ما كنا قدمناه للرئيس بوش ولرئيس الوزراء أولمرت . وقلنا للسيناتور ميتشيل أنه يستطيع أن ينقل كافة مواقفنا لنتنياهو. وفي يوم 1/7/2010 أثناء الجولة الخامسة،قال السيناتور ميتشيل أن الرئيس أوباما يطلب الانتقال إلى المُحادثات المُباشرة بشكل فوري ، وفي يوم 17/7/2010، جاءني السيناتور ميتشيل برسالة من الرئيس أوباما ، وفي يوم 27/7/2010 ، جاءني السفير ديفيد هيل الى عمان وقال لي ان الرئيس اوباما يعتبر ان الرسائل الثلاث (18-2 و21-4 و17-7)اساس للمحادثات المباشرة وطلب عرض ذلك على الدول العربية وعلى القيادة الفلسطينية ، بمعنى ان كل ما ورد من نقاط في الرسائل الثلاث هو أساس المحادثات المباشرة\" .
وقد حدد الرئيس الفلسطيني طلباته من ميتشيل لقبول نتنياهو بها حتى تبدأ المفاوضات المباشرة وهي :
1- قبول مبدأ الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، مع تبادل طفيف مُتفق عليه (موافقة الحكومة الإسرائيلية وليس الإدارة الأمريكية)، قال السفير هيل يوم 27/7 ان الرئيس اوباما عرض ذلك على نتنياهو في اجتماعه معه يوم 6/7وان الرد الذي - حصل عليه من نتنياهو حفزه على طلب الانتقال الى المحادثات المباشرة فوراً.
2- وقف النشاطات الاستيطانية في الضفة الغربية وبما يشمل القدس الشرقية، واعلمونا انه اذا دخلنا المحادثات المباشرة ، فإنهم سيعملون على تمديد التجميد المؤقت (MOROTORIUM) بشكل شامل والمقرر انتهاءه في 26 سبتمبر.
3 - عدم ربط خطوات بناء الثقة ، بقضايا الوضع النهائي.
ولقد لخص الرئيس محمود عباس طلباته من الوزراء العرب بقوله :
\" أمل ان نبذل جهوداً مشتركة لكي نصل الى تحقيق الاهداف التي ذكرت ولقد طلبت ايضاً من المجتمع الدولي مساعدتي في تحقيق ذلك. ونحن نعمل بصمت ونحضر للخيارات التي حددناها سابقا (مجلس الامن ، ميثاق جنيف، محكمة العدل الدولية وغيرها من الخطوات) ومن ضمن ما طرحت اعتقد ان علينا جميعا استمرار العمل مع الإدارة الأمريكية للحصول على ما نريد بشأن المرجعية ووقف الاستيطان ، وذلك للدخول إلى المحادثات المُباشرة وضمان نجاحها \" .
h.faraneh@yahoo.com