حسان علي عبندة
\"يتشدق بعض العرب بكلمات العزة والكرامة والمجد والخلود وسفك الدم الاحمر والموت الاصفر وهم أشد شعوب العالم خنوعاً\"، هذا الوعي السلبي في استحضار العزة والكرامة والاستعداد للنزال يطبقه العربي في المكان والزمان الخطأ، فتراه يحمل الاسلحة البيضاء والحمراء والفكر الأسود ضد زميله في نفس الجامعة والقسم والتخصص لأتفه الاسباب.
أحد حراس كليات المجتمع قال لو طلبنا تدخل الأمن لفض المشاجرات التي تحدث عندنا لتم اغلاق الكلية لكثرة المشاجرت، ولا يمضي يوم دون حدوث مشاجرة، تعودنا على ذلك والحل كان بزيادة عدد الحراس لفض المشاجرات.
أغلب طلبة كليات المجتمع ممن لم يحالفهم الحظ في الالتحاق في الجامعات لتدني معدلاتهم، وهذا سبب رئيس في الانخراط في المشاجرات وافتعالها لأتفه الاسباب حسب الدراسات العلمية.
جامعة اليرموك درست بها وجاورتها لثلاثين عاماً، نادراً ما كنا نسمع أو نشاهد شجاراً بين الطلبة، وبعد إقرار برنامج الموازي في اليرموك ظهرت بوادر أزمة العنف الجامعي، وبالتوسع في الموازي بات هؤلاء الطلبة هم الأغلبية في الجامعات، وباتت المشاجرات تأخذ هويات فرعية ضيقة، وهذا هو الوعي السلبي لدى عدد من طلبة الجامعات ومثيري الشغب.
الطالب المجتهد المسؤول أمضى سنين طوال في البحث عن مستقبل مشرق وحصل على معدل ممتاز في الثانوية العامة، هذا الطالب استبدلته الجامعة بطالب مستهتر بمعدل ضعيف وعملة قوية، هذا الاستبدال قبضت الجامعات ثمنه نقداً ودفعت كلفته اجتماعياً وأكاديمياً.
عند مثول الطالب الجامعي أمام لجان التحقيق الجامعية يخجل من ذكر الاسباب الحقيقية للمشاجرة ويختلق أسباباً أخرى، هذه المعتقدات والقيّم وطريقة التفكير التي يخجل الطالب من ذكرها هي المحور الرئيس الذي يجب على الجامعة التركيز عليه والعمل الجاد على استبداله بمعتقد وقيمة وسلوك عصري بواسطة مادة إلزامية لكل طلبة الجامعة وتعزيزها بالنشاطات وورشات العمل.
لا زالت المعلومات والحصول عليها تشكل هاجساً لمن يحتاجها، ولا نعلم لماذا تصر بعض جامعاتنا الرسمية على حجب المعلومات والحرص على السرية في نتائج التحقيق في المشاجرات ومعدلات الطلبة الذي أحيلوا الى لجان التحقيق، وعدد المشاجرات ، وفئات المتورطين بها، وأهلية حرس الجامعات من التدريب والاحتراف وأعمارهم، والسعي الدؤوب الى طي صفحة المشاجرات بأسرع وقت ممكن والانتظار للمشاجرة القادمة.
لا يوجد شيء بدون ثمن والملايين التي حصلتها الجامعات الرسمية في برنامج الموازي ثمنها انحدار مستوى التعليم والمشاكل اليومية وتراجع سمعة التعليم في الاردن.
تدخل الأمن العام داخل الجامعات غير جائز، والسيطرة على مئات الطلبة يحتاج الى مئات من الحراس، ولحل هذه المشكلة يمكن للجامعات الرسمية أن تشكل من طلبتها مجموعات لفض المشاجرات يتم اختيارهم بعناية من ذوي الأخلاق العالية والبُنية الجسدية المناسبة.
كشف الحقائق والانفتاح على المجتمع كافية أن يتعاطى المجتمع مع هذه المشكلة من المدخل الصحيح تمهيداً للقضاء عليها.
Hassan_abanda@yahoo.com