بقلم : هشام ابراهيم الاخرس
هو وطن نتفنن في تخريبه لكثرة الحبِ, ونحرق شوارعه لكثرة الأعجابِ, ونشاهد من يتلذذ في رمي الحجارة على مكنونات الوطنِ, ومن في لحظة غضب يحرق بيت جاره وأبن عمه.
معذراً يا وطني, فليس ثمة ما نجده لنبرر فيه أفعالهم, وغضبتهم على وطن أصبحت المشاجرات فيه فوبيا, وأصبح القتل بالسلاح مهنة وفكر, وأختلطت أدخنة الحرائق بعصافير السلام فوق غيماته, وأتعب الفوضوييون رجال الأمن, وأعطينا الفرصة لصحفيون غرباء لينقلوا المشهد عبر فضائيات الفتنة, لتغذى بالحقد وتعود علينا في مشاجرة أخرى.
يا وطني المنقوش على خريطة العالم كمنجل فلاح دق بين أسيا وأفريقيا ليثبت دعائم الاخوة بين الشرق والغرب, يا سيد الأوطان عذراً على الغضب الذي سال من أبنائك في اوردتك وكيف ليد تمتد لوجهك الجميل, وتعكر صفو البسمة والبساطة ويتسخ بفعل رمادها جبينك المصقول ذهباً وبريقاً من نور.
تدهشني يا وطني فوضى المشاجرات, وأنتشار السلاح, ومناظر لحمامات هربن من صوت الفوضى والجنون, ورجال أمن مع عشرات المركبات تحيط في منطقة خطرة, وصحفي يسترق صورة للحدث, وشاب يافع كان قد فتح طرف شباك غرفته ومد هاتفه النقال ليصور الأدخنة المبتعثة من عمارة مجاورة, يدهشني المنظر برمته, وأدعو الله أن يحفظ وطني منّا ومن الذين يحبون الوطن حسب المزاج وحسب ترتيبات المرحلة وحسب الرؤية للنفس, وحسب المصلحة أحياناً, ومنهم من يخرب وفي ذهنة نظرية الطفولة ( يا لعيب يا خريب ), يدهشني المشهد, وتدهشني النظرية المقيته, والتي عفى عنها الزمن.
يا وطني ربما أجتمع عمال البلدية من عمال الوطن وغسلوا الأثر, وأستلم متعهد بسيط ترميم الدوائر والأرصفة, وأشترينا علب دهان, وستائر وحافظات وملفات جديدة وربما عاد كل شيء لما كان عليه, لكن يا وطني كيف سنمسح من وجهك الجميل أثار غضبتنا عليك.