معتصم مفلح القضاة
استبشر العالم وهلل للانفتاح الإعلامي وما صاحبه من ثورة عارمة في عالم المحطات الفضائية، قبل أن يدرك الجميع مساوئ وسلبيات هذا الانفتاح، أو على الأقل قبل أن يتمرن الجميع على التكيف مع سلبياته.
وقد كان حرياً بكل أمة أو دولة أن تسارع بعقد دورات وورش عمل بالمجان،أو على الأقل برامج تلفزيونية متخصصة، من أجل تنمية المشاهدة الواعية لدى الشعوب حتى لا تقع فريسة التشبير والتنظير المبرمج من الخارج، الأمر الذي سيتطلب بعد ذلك عقد مؤتمرات صحفية وأخرى إعلامية من أجل توضيح ما هو واضح، وتبيين ما هو بائن.
على كل حال، لم يحدث أي من ذلك، وبتنا اليوم في صراع من جهات عدة، وأحد أهم هذه الجهات العصيبة، ما يتعلق بالأطفال والفضائيات المخصصة على مدار أربع وعشرين ساعة لضخ سموم وهموم في عقول شباب المستقبل، ولست أدري حتى هذه اللحظة ما هي العبرة من بث برامج على هذا القنوات بعد الساعة التاسعة مساءً على افتراض أن هذه الساعة هي وقت متأخر بالنسبة للفئة المستهدفة، إذا اعتبرنا أن أغلب المشاهدين هم ممن يحملون همَّ العلم في اليوم التالي.
إن حال شباب المستقبل بدأ يأخذ بعداً فيه من السلبيات ما فيه، نتيجةً لما يشاهدونه على هذه الفضائيات يمكن تلخيصها بالتالي:
1. استقرار ثقافة العنف لدى الأطفال واعتبارها ثقافة أصيلة متلازمة في علاقاتهم الاجتماعية، وخصوصاً مع أقرانهم، وهذا يظهر جلياً بالنظر إلى مجموعة كبيرة من المسلسلات التي تعتمد العنف والقوة كأساس في التعامل.
2. الإفراط في خيالات بعيدة عن الواقع ومخالِفة لكل نواميس الكون وسننه، وهذا من شأنه أن يخلق في عقل الطفل نوع من التناقض والتنافر.
3. الجلوس الطويل أمام التلفاز من شأنه أن يعيق حركة الطفل ونمو العضلات، كما من شأنه أن يلحق أضراراً كبيرة بعقل الطفل وحواس أخرى كالسمع والبصر بالإضافة إلى مشكلات في النطق في بعض الأحيان.
4. الفوضى وما يصاحبها من أضرار، إذ تظهر جليةً في يوميات الطفل وحياته المدرسية خصوصاً.
5. بالإضافة إلى أضرار أخرى لا يمكن استقراؤها بدون دراسات قد تمتد لسنوات طويلة.
وهنا وأنا أكتب هذه الكلمات تذكرت الخبير في مجال الطفولة الأستاذ يوسف سعادة، حيث كان لي شرف أن صحبته في بعض الدورات المتخصصة في هذا المجال قبل سبع سنوات تقريباُ، حيث قدم في وقتها دورة خاصة حول تنمية المشاهدة الواعية لوسائل الإعلام، وتحدث عن حلول لهذه المشكلة بإسهابٍ طويل، وضرورة أن ننمي عند الطفل ضرورة التمييز بين الصواب والخطأ، بخطوات أذكر منها التالي:
1. أن تكون مشاهدة الطفل لبرامج التلفاز بصحبة ولي الأمر قدر الإمكان.
2. أن يدور نقاش بين ولي الأمر والطفل حول ما يشاهد، وضرورة تبيان الصواب من الخطأ بطريقة لبقة وسلسة.
3. تقنين أوقات مشاهدة التلفاز وعدم تعويمها، والبعد عن المشاهدة في أوقات النوم والدراسة والواجبات الاجتماعية الأخرى.
4. الحرص على مشاهدة البرامج ( الحقيقية ) والتقليل من برامج الرسوم المتحركة.
5. الحرص على مشاهدة البرامج المحلية والتي تأتي من واقع الحياة التي يعيشها الطفل، وتنمي فيه السلوكيات الجيدة.
6. تعويد الطفل على التصرف في الأوقات الحرجة، (و حتى توم وجيري لا يخلو منها ).
7. إشغال الطفل بنشاطات وهوايات حركية ومعرفية من شأنها أن تقضي على أوقات الفراغ.
ملاحظة: كُتب هذا المقال بعد نقاش وحوار مع ابني راشد حول ساعات مشاهدة التلفاز وبرامجه التي لا تنتهي.
Moutasem M. QudahMobail : 00971 50 6885005
http://ainjanna.spaces.live.com
Dubai
U A E