حسان الرواد
ليس لأني معانيٌّ...لكن, لأنها معان... درة المكان والزمان, تاريخ ناصع البياض, فجر الإسلام في الشام, وفيها شهيد الحق فروة الجذامي كان, وبها استراحت خيل الصحابة لخير الرسل والأنام, وقد لبوا نداء رسول الحق في مؤتة حيث كان...
هي معان التاريخ والأمجاد, هي معان بوابة الفتح الإسلامي للأردن والشام, هي معان مدينة الحجاج إلى بيت الله الحرام, منطلقهم ومأمنهم ونصرتهم وخدمتهم وسبيلهم ما داموا في ثرى معان, فلا ينطلقون إلا وألسنتهم وقلوبهم تلهث بالدعاء: اللهم بارك في أهل معان, هي معان الحاضر التي لم تتقاعس يوما عن نصرة قضايا الأمة من فلسطين إلى العراق إلى أفغانستان والشيشان, هي معان التي امتلأت سماؤها بالمآذن وصوت دويّ الأذان, هي معان التي نصرت كل مظلوم, وصانت الأعراض, هي معان الصحراء حيث نسيم الحرية يعانق أبناءها مع كل صرخة ولادة للحياة, من هنا فقد رفضوا كل دنية واستعباد, وكل ظلم واستبعاد, فتعالت نفوسهم الأبية برغم فقهرهم وجوعهم تُطاول قمم الجبال الشاهقات ولسان حالهم يقول:
وأستفُّ تربَ الأرض كي لا يرى له.........عليَّ من الطّول أمرء مُتطوّلُ
ولولا اجتناب الذأم لم يلفَ مشربٌّ.................يُعاش به إلا لديّ ومأكلُ
ولكنَّ نفسا مرّة لا تُقيمُ بي..............على الضيم إلا ريثما أتحولُ
نعم هي معان التي ما عزفت يوما سوى لحنا واحدا للوطن, هي معان التي ما فتأت بشيبها وشبانها تلبي دائما نداء الواجب في المحن, هي التي انتفض أهلها بالآلف أمام مديرية تعبئة وتجنيد معان التي امتلأت ساحاتها بالمتطوعين لنصرة العراق الشقيق عندما تجمعت كل قوى الشر عليه والفتن, هذه معان التي بكت غزة مع أزيز الرصاص وهتافات النصر لمجاهدي غزة من حناجر طالما صرخت مدوّية فلسطين عربية, وشعار أبنائها كان دوما ولا زال الموت ولا المذلة, لم تعرف يوما حكاية واحدة في الغدر والخيانة, ولم تخرّج إلا الأبطال والشرفاء والشهداء الذين روت دماؤهم أرض الأردن وفلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان, هذه معان التي يتسابق أبناؤها ويتنافسون لعمل الخير من نصرة الملهوف والمظلوم و إغاثة من تقطعت بهم السبل على الطرق الدولية لمعان, هذه معان التي يرفض أهلها بناء الفنادق لأنهم يروّن ذلك نقيصة و عارا في حقهم اتجاه ضيوف معان, هذه معان التي يلعن أبناؤها كل جاهل يسيء ويخطئ بحق من عبرها أو أقام فيها زمان.
أما بعض وسائل الإعلام الرسمية, والكتاب السحّيجة, فمع كل الأسف, لا يتجاوزن مقدم النشرة الجوية في التلفزيون الأردني ( الحلو) الذي ما أن وصل معان ليذكر درجة الحرارة فيها حتى قال هذا ( الحلو): أما منطقة المعان...؟؟ نعم هكذا نصا حرفيا, فهو لا يعرف أن معان مدينة وأي مدينة؟ بل وأخطأ في اسمها (منطقة المعان) وهنا أقول لوسائل الإعلام الرسمية, وللكتاب الذين يرددون دائما هذه الرواية: أليس من العدل قبل أن تخُطّوا حرفا واحدا عن معان, أو تقريرا, أو مقالا يحمل من الإساءة لمعان ما يحمل , أليس من العدل أن تكلّفوا أنفسكم بزيارة معان والالتقاء مع أهلها للإطلاع على أحوال وظروف الناس فيها؟ أليس من العدل أن تتحققوا من كل رواية تسمعونها؟ أيحق لكم الكتابة والاتهام والإساءة وأنتم لم تدخلوا مدينة معان قط, ولم تروا طيب وجود أهلها؟ أظن أنه من باب العدل أن لا نساهم كما تفعل الحكومات ووسائل إعلامها الرسمية في تشويه صورة معان وأهلها, فلقد كان للإعلام الرسمي ومنذ زمن دور كبير ساهم بشكل واضح بنفور الاستثمار والمستثمرين من معان, كل ذلك بسبب الصورة السلبية الظالمة التي رسمها الإعلام عن معان وأهلها, وليس بعيدا عنا عهد حكومة أبو الراغب التي اكتشفت أسلحة الدمار الشامل في معان, ومصانع الأسلحة لتبرير ضربها..؟؟!! قبل غزو العراق, والدور الإعلامي آنذاك الساخر من عقول الأردنيين المزيف للحقائق من خلال نشر وترويج هذه الأكاذيب التي أساءت لصورة معان وأهلها في الداخل والخارج, ومع ذلك لم يزدهم ذلك إلا حبا وعشقا وانتماءً لوطنهم الأغلى الذي أرادوا سلخنا عنه, لكن هيهات هيهات أن يكون.
فعذرا أحبتي على شغفي لكني لا أقبل أن تظلم معان في كل مرة , ويُساء دوما لأهلها الذين لم يعرفوا سوى الانتماء والولاء والتضحية, فنحن لم نكن يوما فئة ضالة, أو مخربين, أو طارئين على الوطن, نحن شوكة وخنجر في قلب أعدائه ومن يتاجر به, نحن ثورة وسيل جارف هادر لا يبقي عدوا أو فاسدا ولا يذر, نحن قلب الوطن النابض, نحن نشيده الوطني واللحن, نحن الأردن والأردن نحن.
rawwad2010@yahoo.com