زاد الاردن الاخباري -
بعد ان كاد أن ينقرض منذ سنوات بسبب تغيرات الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية للرجل والمرأة على حدّ سواء، عاد الزواج المدبّر الى دوره القديم في بعض العائلات، وعادت مسؤولية تزويج الشاب الى عاتق الاهل، لا سيما الوالدة التي كانت منذ سنوات قليلة "آخر من يعلم" بارتباط ابنها. فهذا الأخير قد يلتقي رفيقة عمره في الجامعة او في نطاق العمل، فيتفاهم معها ويقرران خطواتهما المستقبلية ثم يزفّ الخبر السارّ الى أهله.
عمليات البحث عن العرائس
حيال هذا الواقع كثرت "عمليات البحث عن العرائس" في الأوساط الاجتماعية العربية. فما ان يعلن الابن استعداده لاكمال نصف دينه، حتى يشمّر كل أفراد العائلة أكمامهم، وعلى رأسهم الأم، لتبدأ رحلة البحث والسؤال عن أيّ فتاة يرونها وتحظى برضاهم لجهة تمتعها بالمعايير المطلوبة وتشمل الجمال والعمر والطائفة.
أم شادي، خير من يعبّر عن هذا الواقع "القديم المستجد "، إذ لا عمل لها هذه الأيام سوى الاستفسار من أصدقائها عن فتاة جميلة ومتعلمة يتراوح عمرها بين 20 و 22 سنة تكون أهلا لابنها شادي الذي لم يتجاوز الـ 25 سنة ويدرس في الخارج. تعزو أم شادي سبب هذه السرعة في تزويج ابنها الى خوفها من اقدامه، كما عمد خاله، الى الارتباط بأجنبية وبالتالي ابتعاده عن الأجواء العائلية العربية.
سماح وحلّ لا بد منه..
لم تكن هذه الطريقة التي توقّع من خلالها ناجي ،27 عاماً، أن يلتقي بزوجته. فقد افترض هذا الشاب أنه سيجد توأم روحه بمفرده وبطريقته الخاصة فقد عرض والداه سيرته الذاتية على بنات معارفهما، وقد اوضح ناجي الذي اعترض بداية على تصرّف والديه، ان هذه السيرة التي تتضمن خلاصة عامة عنه، قد تقلّص المدة التي يستغرقها للتعرّف على شريك ملائم.
اللافت أنه مع التقدّم في السن يزداد طالبو الزواج اقتناعاً بمقابلة مرشحات للزواج، سواء من خلال تبادل السير الذاتية الخاصة بالزواج أو بمساعدة الوالدين.
كانت جوانا تواعد شباناً أثناء السنوات التي أمضتها في المدرسة الثانوية وفي الجامعة. ولأنها ما زالت عازبة وقد بلغت الثامنة والعشرين، سمحت لوالديها بمساعدتها في إيجاد الزوج الملائم: "إنهما يضايقونني كثيراً بشأن الزواج، لذا سمحت لهما بالمساعدة والتدخل لكن ضمن حدود".
في المقابل تعترف جوانا بأن للزواج المدبّر من الوالدين سيئات أيضاً، من بينها أنها تريد شخصاً شغوفاً بعمله ويحب الطعام والسفر أما هما فاهم ما يريدانه هو رجل صالح لابنتهما.
علم الاجتماع: البحث عن عروس معلّبة.. ضربة حظ
أساتذة علم الاجتماع يرون أن من الطبيعي أن يكون هذا النوع من الزواج، اي البحث عن عروس معلّبة، ضربة حظ، لأن مقومات الارتباط الناجح غير متوفرة، ولا سيما لجهة المفاهيم والقيم وفي بعض الأحيان واختلاف مستوى الثقافة والمعايير الاجتماعية، خصوصا في ظلّ عدم قدرة الشريكين على التعارف الكافي قبل الزواج ، ناهيك أن الزواج المدبّر الذي يشجع على ارتباط الشاب العربي بابنة بلده حلّ إيجابي وفكرة جيدة. هذا لا يعني أن الزواج المدبر لا يمكن أن ينجح. الأمر يتوقف على الغاية من هذا الزواج، وما اذا اتخذ الشباب قرار القيام بهذه الخطوة تنفيذا لرغبة الأهل أو وافقت الفتاة عليه، رغبة في الحصول على الجنسية أو المركز أو اي غايات أخرى بعيدة عن الأهداف الطبيعية لمبدأ الزواج.
مرة تصيب وأخرى تخيب
تجربة روان تعكس صورة سلبية عن صورة الزواج المدبّر من شاب مهاجر. تقول: "تعرّفت إلى زوجي السابق عن طريق العائلة خلال زيارة قصيرة قام بها الى البلد. لم أره في فترة الخطوبة التي استمرت سنة واحدة، الا ثلاث مرات لا تتعدى أطولها الشهر. خلال فترة غيابه كنا نتواصل عبر الهاتف بشكل يومي، وكنت أظن حينها أنني أعيش أجمل قصة حب، ستثمر بالتأكيد زواجاً ناجحاً. لكن بعد الزواج وانتقالي الى اميركا حيث يعمل، ظهر ما لم يكن في الحسبان، واكتشفت أمورا مختلفة عن تلك التي كنت أسمعها عبر الهاتف. لذا وبعد مضي أربع سنوات على زواجي وانجابي طفلين اتخذت قرار الانفصال بعدما فقدت الأمل بامكانية الاستمرار في هذه العلاقةً".
حالة هبة التي تصف زواجها بالناجح من كل النواحي، تعكس صورة معاكسة لوضع روان. هبة تعرّفت إلى زوجها عن طريق أخته. تقول: " اتخذنا انا وزوجي قرار الزواج بعد سنة ونصف السنة من الخطوبة. لم نر بعضنا الا حوالي خمس مرات لم تتجاوز فترتها الثلاثة أسابيع. تؤكد هبا بعد مرور ثمانية أعوام على "زواجها المدبّر" أنها لم تكن مخطئة في قرارها، بل إن الحقيقة كانت أجمل وأفضل بكثير من الصورة التي رسمتها في خيالها.
أخيرا" وليس أخرا"، أيّ كان نوع الزواج، مدبر أم غيره، فالإنسان في طبيعته يبحث دائماً عن الزوجة المثالية وهي بالتالي تبحث عن الزوج المثالي. لكن هذا مستحيل، ما من إنسانٍ كامل، وما من زواج مثالي، وعلى كل انسان تقبّل الأخر على نقاط ضعفه وعيوبه، ومن الممكن أن يساعده على تطويرها نحو الأفضل والمساعدة على تخطي العوائق. أما سرّ نجاح الزواج فهو مرتبط بشكل أساسي بعدة عوامل كالقناعة، الصبر، المحبة، التفهم والإحترام المتبادل.