غالبا ما يذهب الناس باتجاه ربط موضوع الهيبة وتقلصها أو زوالها بفئة من الموظفين دون غيرهم. وبشكل أوضح, يربط الناس موضوع الهيبة وتقلصها أو زوالها بفئة المعلمين دون غيرهم في كثير من الأحيان, وهذا بالطبع مخالف للحقيقة والواقع.
فما ينطبق على المعلمين ينطبق على غيرهم من أصحاب المهن والوظائف الأخرى في كافة القطاعات الحكومية من ضباط وأطباء ومهندسين وغيرهم علا منصبهم أو انخفض. فالضابط مثلا لم يعد يتمتع بنفس المهابة التي كان عليها سابقا, وأصبح الطبيب يتعرض للاعتداءات المتكررة من المرضى ومرافقيهم, وأصبحت الدوائر الرسمية تشهد في أروقتها كثيرا من التلاسن والمهاترات بين مقدمي الخدمة ومتلقيها.
وإذا مانظرنا في الأسباب التي أدت إلى تقلص أو زوال هيبة الموظف العام, فيمكن إرجاعها إلى ما يلي:
- زيادة عدد الخريجين من كافة التخصصات والمهن, وهنا لا يختلف الإنسان في هذا الشأن عن السلعة, فكثرة العرض تقلل الطلب وبالتالي تقلل القيمة والهيبة.
-
- ضعف الدخول الفردية لموظفي القطاع العام مما ينعكس سلبا على قدرتهم في مواجهة أعباء الحياة وبالتالي على أدائهم الوظيفي فيضعفهم ويقلل من احترام الآخرين لهم.
- ضعف الكفاءات العلمية والمهنية لدى البعض من موظفي القطاع العام, وهذا ما قد يؤدي إلى كثرة الأخطاء أو تكرارها وبالتالي اهتزاز الصورة الجميلة التي ينبغي أن يكونوا عليها.
- انعدام الحس الإنساني لدى البعض عند تعاملهم مع متلقي الخدمة, مما يخلق جوا من العدائية بين الموظف والمواطن (متلقي الخدمة).
- انعدام الوازع الديني وعدم الإخلاص في أداء العمل واتسام البعض منهم بالمتاجرة بالقيم والشعارات الدينية دون تطبيق الحد الأدنى منها عند التعامل مع الآخرين, مما يفقدهم القيمة والمصداقية.
- تغير قيم الناس الاجتماعية من حيث تقييمهم للآخرين واحترامهم لهم من خلال مافي جيوبهم لا من خلال ما في عقولهم.
- تنوع وسائل حصول الطلبة على المعرفة وعدم اقتصارها في فئة معينة من الناس (كالمعلمين أو أساتذة الجامعات مثلا ) مما افقدهم قدرا من الأهمية والتقدير.
ومن هنا يتضح أن كافة أفراد المجتمع يشتركون في خلق هذا الواقع ومسبباته سواء كانوا مقدمين للخدمة أو متلقين لها , ويجدر بالجميع كل من موقعة (وخاصة موظفي القطاع العام أنفسهم) أن يعملوا على معالجة بعض الأسباب التي ذكرت اعلاة للارتقاء بهيبة الموظف العام وإعادتها إلى ما كانت علية فيما مضى.