الكاتب : فيصل تايه
إن المتتبع للتجربة الأردنية في مجال الإعلام الإلكتروني يلاحظ أنها تجربة تحتاج إلى مزيد من التأمل.. فهي تجربة رائدة ومميزة .. إذا ما قورنت بمثيلاتها في الدول العربية الشقيقة .. فلو عدنا لبدايات نشوء المواقع الإخبارية الالكترونية الأردنية .. نجدها قد بدأت بداية خجولة ومحدودة الانتشار إلا أنها ما لبثت أن واكبت التطور التقني الذي كان له دوراً كبيراً في تنمية وتطوير هذه التجربة .. فلقد سعت لفرض وجودها عن طريق الشبكة العنكبوتية.. ولنتعرف أيضا إلى المزيد من الوجوه الصحفية التي لم نكن لنعرفها عبر الصحف التقليدية الورقية .. فلقد كان لها الفضل في إبراز بعض من الكتاب المبتدئين الذين اثبتوا وجودهم ومنطقهم الحواري السديد من خلالها .. خاصة وأننا في هذا البلد فخورين بالقدرات والكفاءات الصحفية المميزة ..
ولأننا في عصر العولمة والسرعة فقد خطى كثير من الزملاء خطوات ايجابية ذكية نحو إبراز ذاتهم المهنية بما ينسجم مع آمالهم وطموحهم الصحفي عبر وسائل متاحة وسهلة المنال ومتوفرة .. ويعنى بها فئات اجتماعية واسعة من شرائح مجتمعنا الأردني ..
إننا ونحن نتحدث عن هذا الموضوع لندرك تماماً إن الثورة المعلوماتية التي نعيشها جميعاً ساقتنا إلى حياة رقمية تتصف بسرعة الوصول إلى المعلومة وسرعة تناول الخبر وتناقله بفترة زمنية قياسية وذلك من خلال الصحف الإخبارية الالكترونية التي طرحت نفسها كمنافس قوي بديل للصحف الورقية اليومية وبدون أية تكاليف مادية .. وهذا انعكس بالتأكيد وبشكل جلي على تلك الصحف الورقية اليومية .. وهذا أدى بالفعل إلى عزوف الكثيرين عن متابعتها بل وحتى شرائها ..
وهنا لا بد لي أن انوه إلى ضرورة التمييز بين المواقع الإلكترونية للصحف اليومية والأسبوعية.. والتي تكون نسخة إلكترونية للنسخة الورقية .. وإن كان بعضها لا يخلو من بعض التفاعل مع الزوار ولو بشكل محدود .. وبين المواقع الإخبارية الإلكترونية المتخصصة التي تبث أخبارها بشكل إلكتروني فقط دون أن يكون لها نسخة مطبوعة.. فهذه المواقع تتميز بأنها تقوم بتحديث أخبارها بشكل دوري سريع .. ولا تخضع لتوقيت محدد للنشر.. أو لفترة تحديث كاملة.. مما أدى إلى مزيد من الإقبال عليها خاصة أنها ومع استخدامها للتقنيات الحديثة ومن خلال الإمكانيات التفاعلية التي منحتها لزوارها طرحت لهم فرصة التعليق على الحدث والتفاعل معه .. وطرح التساؤلات والتفاعل مع الخبر بسهولة وأريحية ..فنجد أن معظم هؤلاء الزوار يطرحون ردودا منطقية على كثير من القضايا التي تهم الوطن والمواطن وبروح من المسؤولية الوطنية .. التي تعبر عن غيرتهم نحو الارتقاء بمستويات الخدمة بمختلف أشكالها .. بل ونستطيع القول أن ردود فعل القراء على الكثير من القضايا التنموية والخدمية وغيرها تشكل استفتاءات يمكن أن نبني عليها ما ينسجم وتطلعاتنا نحو مزيد من العطاء ..
أما من وجهة نظري الخاصة فأنا أؤكد ويشاركني الرأي كما أعتقد معظم الإعلاميين والصحفيين .. أن على تلك المواقع أن تخدم وطنها ومواطنيها بكل همة ومسؤولية .. وان لا تكون مستقلة عن ما تتطلبه الحاجات الوطنية والضرورات الخدمية الحتمية لتلامس روح الواقع الذي يطمح كل مواطن إلى تحقيقه على مستوى عال من الحس بالواجب أمام الله والوطن .. خاصة فيما يتعلق ببحث بعض القضايا المجتمعية الهامة وخاصة قضايا العنف .. التي تحتاج منا جميعا التعاضد لنجتثها ونردئها عبر تلك المواقع .. في ظل الإقبال المتزايد عليها .. وظهور مواقع إخبارية جديدة استطاعت بفترات قصيرة كسب عدد كبير من الزوار والمتابعين.. واحتل بعضها مراتب متقدمة على الشبكة العالمية .
لقد كان لهذه المواقع دوراً كبيراً في تقريب وجهات النظر وإتاحة الفرصة أمام القارئ للاختيار بين وسائل متعددة .. كما مكنت الكثيرين من التعبير عن أفكارهم عن طريق نشر مقالاتهم التي لا تجد مكاناً لها على صفحات المطبوعات الرسمية.. كذلك أتاحت المجال لعدد من المحررين (المختصين وغير المختصين) من العمل ضمن المجال الإعلامي.. مما شكل قفزة نوعية في صناعة المعلومات.. ويبدو هذا واضحاً من خلال المقارنة بين التقنيات المستخدمة في هذه المواقع ومثيلاتها التي تمثل الصحف الرسمية.
في ضوء ما سبق نرى أن تلك المواقع هي ظاهرة تستحق الوقوف طويلاً أمامها والعمل على تطويرها.. ومنحها هامشاً كبيراً من الحرية.. كي تشكل مع الإعلام الرسمي واقعاً جديداً مميزاً .. ولتترك بالتالي بصماتها المميزة في الإعلام الأردني المتنامي .. ولتشكل حالة تشاركيه بين المواطن الأردني وبين الجهات المسؤولة..إضافة لكونها وعاءً معرفياً يحتاجه الفرد في عصر أصبحت فيه المعلومة هي أداة ثورة معرفية ضخمة قادمة يجب ألا نتخلف عنها كما تخلفنا عن الثورة الصناعية في القرن الماضي. .
مع تحياتي
الكاتب : فيصل تايه
البريد الالكتروني : Fsltyh@yahoo.com
الموقع الخاص بالكاتب : http://sites.google.com/site/faisaltayeh/home