من أول الدروس التي تعطى لطالب الاعلام وخصوصا الصحافة في الجامعات ان الخبر الصحفي هو أن هناك رجل عض كلب ، وان عضة الكلب للرجل ليست بخبر صحفي ، وعلى هذا القاعدة الاولى من قواعد التعلم الصحفيى ، كتبت هذا العنوان ، مستندا بذلك لما يدور من احداث في كلا من الجزائر وتونس من مظاهرات شعبية تطالب الحكومة بتوفير فرص العمل للعاطيلن وخصوصا الفئة المتعلمة تعليما جامعي ، وفي هذين المثالين التونسي والجزائري ساعة ربانية للمسؤول الحكومي الاردني كي يفكر ويعيد النظر بكل قرارته المتعلقة بإغلاق الباب امام خريجي الجامعات للعمل بإستثناء وزارتي التربية والصحة ، فهذا القرار أخذ بحلظة غضب حكومي وعجز في الموازنة وفشل في ايقاف الدين العام عند حدوده الامنة ، إن الجامعات الاردنية تخرج سنويا الاف من الطلاب يقرعون ابواب العمل وخصوصا الباب الحكومي ، وهذه الرغبة في العمل في القطاع العام ليس وليدة لحظة بل هي تراكمات ثقافية لسنوات عدة جاءت بها حكومات متعاقبة ورجال سياسة سابقون أوجدوا في فتحهم ابواب التوظيف الحكومي لكل من هب ودب وسيلة لهم للتسلق على ظهر هذا الشعب للجلوس على المقاعد النيابية أو الحكومية ، فقضية الفساد في التوظيف الحكومي لايختلف عليها اثنان ، ومن خلال تتبع مسار القرارات الحكومية الارتجالية واللحظية نجد أن وقف ابواب التعيين ومحاولة وزارة تطوير القطاع العام إعادة هيكلته كلها محاولات لحظية وانية وليست بعيدة النظر ، ولعل من قام بطرح هذه الافكار استند بذلك لفترة زمنية لاتتجاوز عمر بقائه في الحكومة دون النظر لتبعات مثل هذا القرار بعد عشر سنوات ، وكان الاجدر بأن يتم إعادة هيكلة القطاع العام بتزويده بالشباب خريجي الجامعات واعطائهم فرصتهم في المشاركة بصنع هذا المجتمع ، بدلا من الاتكال على موظفي قطاع عام أكل عليهم الزمان وشرب ، ولازالوا يبحثون عن فرصة للترقية بناء على المعارف والمحسوبية وليس على أسس علمية ووظيفية واضحة المعالم ، فليس من العيب أن نقر ونعترف بأن هيكلة القطاع العام لاتمر إلا من خلال فرض المزيد من الرقابة على أسس التعيين والمؤهلات العلمية للموظفين الحاليين ، وتنظيف هذا النظام من المعيقات الغير مؤهلة أكاديميا ، فهذه المعيقات تسبب هدرا للوقت العام والمال العام يتجاوز كلفة تشغيل أو توظيف موظفين جدد يحملون مؤهلات اكاديمية ستكون بالنهاية هي الاساس في رفع مستوى وفعالية أداء الموظف الحكومي ، واذا ما ابعدت الحكومة الحالية أو الحكومات القادمة ( وهنا علينا ان نعترف أن اعمار حكوماتنا قصيرة جدا ) عن نفسها الملامة بخطأ طرح مثل هذه الافكار وقامت بترحليها معتمدة بذلك على ان الزمن كفيل بحل الامور المصتعصية ، فانا هنا أذكر الحكومة الحالية والحكومات القادمة لها بمقولة تاريخية وهي أن الزمن والوقت كفيل بأن يكشف كل شيء ، فليس هناك من داعي أن نسمع أو نقرأ أو نشاهد في الاخبار بعد عشرة أعوام وربما أقل عنوان يشابه عنوان هذا المقال !!