الإصلاح الاقتصادي في الأردن هو إصلاح سعري عبر استخدام عناصر الإنتاج وهذا ما يفسر محدودية الأثر الذي تخلفه هذه السياسية ، فمثلاً لمحاربة البطالة يتم وضع حد أدنى للأجور ويتم تناسي السياسات الأخرى الأكثر فعالية ، ولتصحيح التشوهات في السوق المالي يتم تحديد السقوف العليا والدنيا لسعر الفائدة ، وفي أسواق السلع والخدمات يتم الضغط المستمر على الأسعار نحو الارتفاع لتصحيح التشوهات في الطلب الكلي ، باعتبار أن التضخم في الأردن وهو ظاهرة نقدية بكل المقاييس .
إخضاع جميع السياسات الاقتصادية إلى التصحيح السعري من شانه تقليل أهمية الإصلاح ، ففي الأردن جميع سياسات التثبيت الاقتصادي وتحرير التجارة والخصخصة كانت سياسات سعرية ، وبدل أن يكون الهدف منها إدارة الطلب وتحفيز الإنتاج ، عملت على إحداث صدمة في العرض تسببت في انخفاض الإنتاج الحقيقي وزادت من مساهمة القطاع الخدمي في الاقتصاد .
التحرير الاقتصادي في الأردن غير مرتبط بخطط لتوسيع القاعدة الإنتاجية وزيادة معدلاتها ، كما أنه غير مرتبط ببرنامج لمعالجة الفقر والبطالة والحد من التشوهات السعرية في أسعار مدخلات الإنتاج وفي مقدمتها النفط ، وربما مرجع ذلك إلى سياسة تسعير المشتقات النفطية .
الإصلاح الاقتصادي في الأردن يرسمه الساسة الاقتصاديين أكثر من أصحاب الاختصاص وبما يتناسب مع مصالح القطاع الخاص وأولوياته الاستثمارية وبعيداً عن متطلبات الإصلاح الاجتماعي والسياسي التي هي أساس الإصلاح الاقتصادي . فالإصلاح يبدأ بمنع الاحتكار بشتى أشكاله (المنافسة الاحتكارية ، أو احتكار القلة، الاحتكار التام) ، وتعميق المنافسة التامة المبنية على قوى السوق وآلية التصحيح التلقائي في الاقتصاد أو ما يطلق عليها سياسة اليد الخفية .
الإصلاح الاقتصادي يجب أن يبدأ من القطاعات الاقتصادية ذات الصبغة الاجتماعية وفي مقدمتها القطاع الزراعي ، فلم تعد المساهمة الكبيرة لهذا القطاع في النشاط الاقتصادي سمة من سمات تخلف الدول النامية إذا رافقها تحسن وتطور في استخدام التكنولوجيا الزراعية، فقد أصبحت الدول المتقدمة تحاول تحقيق معدلات مرتفعة من الأمن الغذائي وبنفس الوقت تحرم ذلك على الدول النامية ، وتفرض عليها المساعدات من الدرجة الثانية (الديون الكريهة) .
الاستقلال والسرعة في قرار الإصلاح الاقتصادي وهو ما يعني تكييف السياسات الاقتصادية من البيئة المحلية وللبيئة المحلية ، ولا يعني ذلك الاحتكام لوصفات صندوق النقد الدولي الجاهزة والتي أصحبت مثل حبوب الريفانين تصرف لمريض القلب ولمريض الديدان.
الإصلاح الاقتصادي في الأردن بدل من المعايير المستخدمة للحكم على أداء القطاع العام وعمل على تغيير الصبغة الاجتماعية له إلى قطاع ربحي يمارس نشاطاته وفق ذلك، وربما تقليل مساهمة القطاع العام في النشاط الاقتصادي يعتبر أيضاً جزء مهم من هذا الإصلاح .
الدكتور إياد عبد الفتاح النسور
Nsour_2005@yahoo.com