كأسك يا وطني كل يوم يشربون، وكأس نخبك كل يوم يا أردن يقرعون، بصحتك يا وطن كل يوم يقولون، هم ثملون ومن عرق أبنائك كل يوم يا وطني يسكرون، على أرضك يا وطني كل يوم يثملون وعلى أهات أوجاعك يا وطني يرقصون وعلى لحن أحزانك يتمايلون ويتطوحون، يغنون ويدبكون وعلى أنين فقرائك يطربون ويضحكون ويقهقهون ومن شدة الفرح يا وطني يبتهجون وأجمل الأغاني يرددون.
كيف لا يفرحون وهم أموال فقرائك ينهبون وحقوق ضعفائك يا وطني يغتصبون وأحلام أطفالك يا وطني يسرقون، هم تاريخك يبيعون وذكريات ماضيك الجميل يمحون وبمستقبلك يا وطني يفرطون وعن أرضك و مائك يتنازلون.
فكيف لا يسكرون ؟
وهم يا وطني من كأس خيرك يشربون ومن معين زادك ينهلون، وبأرزاق أبنائك يلعبون ومن قوتهم يأكلون ومن دنانيرهم أولادهم يبتعثون.
إنهم يا وطني يسرقوك، وفي وضح النهار وعلى مرأى الجميع ينهبوك، بحجج وذرائع كثيرة يستغلوك، منهم من باسم القانون، ومنهم من باسم الشعب ومنهم من باسم الشيطان يستبيحوك، يتواردون ويتداورون عليك كقطعان الذئاب يا وطني، كل يريد أن ينهشك ويملأ فمه بلحمك وأسنانه بدمك .
أغراب هم مع أنهم خرجوا من رحمك، وجوههم ليست كوجوهنا وسحنتهم ليست كسحنتنا ودمائهم ليست كدمائنا وكرامتهم وشرفهم وصفاتهم ليست مثلنا، غرباء مع أنهم من أبناء جلدتنا، غرباء مع أنهم من أبناء وطننا، لكن مال السرقة قد غير من جيناتهم وأعاد تشكيل صفاتهم، لقد أثملهم السكر من دمك يا وطني فباعوا شرفهم ودعسوا على كرامتهم وتنازلوا عن أهلهم وباعوا وطنهم وتسلقوا إلى النجومية على ظهور بناتهم ونسائهم و أخيرا يريدون منك أن ترسل بناتك إلى دور الرذيلة كي يا وطني من شرفك ينتقمون .
أخاف يا وطني أن يستعر المسؤولين أكثر وأخاف أن تؤرقهم الأحوال الاقتصادية وأن يخافوا على أنفسهم، وإذا ما انخفض مستوى معيشة هؤلاء، وقدرتهم على الصرف والبذخ, فسوف يسرقون حيطان البيوت ونوافذها وإسفلت الشوارع, ومطر الغيوم, وحفيف الشجر، وعواء الكلاب, ورائحة الخبز, والشعارات التي يقتات عليها المواطن العربي، وحليب صدور الأمهات والأعضاء البشرية للمواطنين الأصحّاء, وأغاني فيروز, ومكاتيب العشاق والكحل من العين .
سأردد ما قاله غوار قبل ثلاثين عام وأقول ما قاله في تلك الأيام
(في حدا بده يكرهني عيشتي لأرحل عن الوطن ولا أعرف إن كان من الداخل أو الخارج بس مين ما كان هالحدا ... أنا ما بقدر ارحل عن الوطن يا أخي لأني بدوخ بالطيارة يا أخي ... وفرضاً إني رحلت عنه ورحت لبعيد بس مشكلتي إنه الوطن ما ببعد عني بضل عايش جوا وين بدي اهرب منه وين ؟؟؟ ولذلك بدي ضل عايش بهالوطن غصبن عن اللي مابده و مادام بقدر احكي اللي بدي اياه ما رح ايأس و رح اضل اصرخ للغلط غلط بعينه وبدي اعمل ثورة بالبطحه واشرب كاسك يا وطن... بدي اشرب كاس عز ولسا بدي اكتب اسم بلادي عالشمس اللي ما بتغيب .
و اقول لحكومتنا
اذا الشعب يوما اراد الحياة .... فلا بد ان يستجيب القدر