تشير البديهيات التاريخية أن الشعوب المقهورة لا تبدع ولا تنجز ويتراجع جزئيا حجم انتمائها ،،،
لا مفر كي تجس حرارة الأرض قبل أن تطأ قدماك المكان فالأرض هذه الأيام تلتهب غضبا وتاريخنا الأردني حافل بالمآثر البطولية والأمجاد بالثورات والانتفاضات ضد الظلم والاستبداد والاستغلال.
زرعت الحكومات المتعاقبة بذوراً قيل عنها آنذاك بأنها بذور خضراء نضرة وأثمرت زرعا أصفراً متيبساً لا يصلح للاستهلاك البشري.
بلغ السيل الزبى،،،ولم يعد قدرة عند المواطن تأمين أبسط الأشياء اليومية ليستفيق الرجل على صرخة أبنائه من مغص بطونهم الخاوية وما السبيل لاسترجاع ما تبقى من كرامة قد أهدرت فالأردني والكرامة توأمين برأس وحيد إذا انتزعت منه كرامته مات الجسد.
لم نصحو من إبرة المورفين بعد،،، ومن مراقبة للأسعار ليلاً نهاراً وأصبحنا لا نملك أي لغة وأي حوار وتعطّلت لغة الكلام وأصبحنا نميل إلى العنف من شدة الفقر والعوز فنحن آباء وأمهات نغار على فلذات أكبادنا ونخاف عليهم من فتك آفة الفقر بأجسادهم ،،،،إذا كانت الذئبة تحرص على نطفتها فما بالنا نحن البشر أصبحنا لا نطيق ولا نطاق وأصبحنا نركض بدائرة لا زاوية بها للوقوف وأصبح المواطن مثل فئران التجارب الهندية لتشريح جسده النحيل بالمختبرات الحكومية وعلى مرأى زرقة عيون الحكومة الموقرة.
ثورات الغضب لم تأتي من فراغ ولم تكن أحداث معان بالأعوام المنصرمة آنذاك من شدة الفقر لم تكن الدولة فقيرة بل كانت تفيض أنهاراً من الثروات والمساعدات سواء العراقية والخليجية من النفط وكانت وقتها الدولة هي المستفيد الأول والأخير من جلب المحصول على أيدي الجباة والذين يطلقون على أنفسهم رجال الوطن،،،عذراً إذا كان كلامي ينغص ويعكر مزاج الحكومة.
كفاكم بالله استهتاراً بحق المواطن كفاكم بالله استحقاراً بحق هذا اليوم الفضيل كفاكم بإغلاق غدير الحليب المتبقي بوجه أطفالنا كفاكم إنتاج المختبرات البيروقراطية لصناعة الدم الاصطناعي وتضعوه بأوردة المواطن المتوفى سريرياً كفاكم وضع النظارة السوداء على عيونكم المترهلة أجفانها.
هبت رياح التغيير،،،وسينتج عنها بالطبع العواصف المدمرة ليصبح وجع المواطن كالوليمة تقتات عليها الطرائد المهاجرة ويصبح جسدنا المتعفن كجيفة بقلب الصحراء القاتلة.بدون دواء وبدون دماء.
نجتر شقائنا اليومي بأسناننا ورجال الساسة هناك يقامرون على أجسادنا وغارقون بالسفر وبالنساء وبين الأفخاذ البرونزية،،، والنبيذ الأحمر يصب على أجسادنا بأباريق أباطرة الساسة المخضرمين ليقرفصون على أجسادنا وأكتافنا المتهالكة بالوراثة.
ليصب الزيت الحار على أجساد الفقراء الملتهبة بشمس آب اللهاب وتقرع الكؤوس وتشرب الأنخاب ويقفون هناك زناة الليل خلف الأبواب يسترقون السمع لفض بكارة المواطن المغتصب ويطلبون منه خفض الصوت صونا للشرف والعرض .
وقفوا هناك خلف الأبواب نعم ولم يشاهدون سوى النشرات الإخبارية لينزلوا قوات الدرك على المواطنين والدرك هو الابن والأخ والمواطن فهو بين نارين نار العشيرة ونار المسئول،،،رويداً رويداً فنحن ما زلنا بشراً.
هل يجوز تنفيذ حكم الإعدام قبل سماع الطلب الأخير،،،،،،وهل يجوز حرقنا قبل إزالة البرميل،،،،
بدون أسماع ولا أبصار ولا زيارة صغيرة لقلب الحدث ولا حتى اتصال مع شيخ لعشيرة أو قبيلة لنصبح كالرعاع لا سمح الله ونسفك الدماء وتنام فراشنا الحسرة،،،،منذ بدأ التكوين والمواطن الأردني لم يشعر بالهوان يوماً بهذا الحد ولم يكن جائعا إلى هذا الحد،،،أخاف أن يأتي يوماً نصارع فيه القطط ونشرب الماء من وراء الكلاب الضالة. ميزة الجوع أنه أعمى وأطرش ولكنه ليس أبكم وله لسان طويل.حاذروا.
فأصبح الجوع زائرنا اليومي يدق الأبواب والأسوار العالية فأصبح يشاهدنا ونحن عراة،،،بدون أغطية
وبعد كل هذا الصدع والانهيارات الأرضية من تحت أرجلنا ما زالت الدولة تعيد الكره وبنفس الأخطاء ولم تنهي المشاكل والفروق ولم تنتهي الزلازل الأرضية وتصدعت جدران المجتمع ونخر السوس فى شجرة الأخلاق
في ظل هذه الظروف المعيشية والانقسام بين طبقة وطبقة وانعدام الرؤية من شدة الضباب لم نعد نميز فالجوع يطرق الأبواب بدون استئذان ولا يمكن للمواطن الرجوع إلى الخلف لأن الطرقات أصبحت متقطعة وشديدة الوعورة ولكن الأجدر بأن يتم إعادة تأهيل مسئوليها وعلى أصحاب القرار أن يحسنوا الاختيار.
فالأمور الجليلة الكبيرة قد تبدأ بأمور صغيرة (شوكه صغيرة تسقط الفرس،،،والفرس يسقط الفارس)
إبر المورفين والمهدئات والمسكنات لم تعد مجدية معنا،،،بل ستزيد لتنزف في مرضنا العضال بداخل جوفنا ولن ينفع الاستئصال ولا أي عملية قسطرة فالشرايين السبعة أصبحت مغلقة وعملية القلب المفتوح باتت خطرة والطبيب المداوي خارج الأوطان بإجازة نقاهة.
ألا يحق لهذا المواطن المكلوم أن يصرخ يوماً،،،،،
اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ
هاشم برجاق
11-1-2011