بالرغم من زيادة حجم الاستثمارت الخارجية وتوسعها لتشمل استثمارات كبرى وجديدة على المملكة وظهور زيادة في بعض معدلات النمو الصادرة من مؤسساتنا التي تعنى بالاحصائيات والدراسات وبشكل مبشر احيانا، الا اننا نلمس على ارض الواقع غير ذلك، فالفقر في ازدياد وتوسع والبطالة في تزايد، ووفق بعض الاحصائيات في السنوات الاخيرة فان اكثر من 50% من العاطلين عن العمل هم من حملة الشهادات الجامعية، فما هي الحقيقة وراء ذلك وهل الظروف الخارجية من ازمات اقتصادية وسياسية وتوتر في المحيط العربي هي التي تفرض علينا هكذا واقع لا نستطيع معه الا محاولة التكيف وتقليص الخسائر لاقل قدر ممكن؟ ام ان هناك تخبط وتلكؤ في السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة لدى الحكومات المتعاقبة؟ ام ان السبب قلة الموارد والامكانات في الوقت الذي غدا فيه التعداد السكاني في الاردن يفوق ال 6 ونصف مليون نسمه؟
اعتقد شخصيا بان العوامل السابقة مجتمعة هي التي شكلت وفاقمت بشكل متباين مشكلتي الفقر والبطالة خصوصا، ولا نستطيع ان نهمل أيا منها ونعتقد بعدم أهميته او عدم القدرة على التأثير فيه، فبكل تأكيد ان هذا الاهمال وعدم الاكتراث سيزيد الوضع سوءا وقد يصل بنا الى مرحلة لا تجدي بها الحلول ولا الخطط اي نفع، لذا صار لزاما علينا دراسة كل عامل منها على حدى ووضع الخطط المدروسة والمنهجية للسيطرة على اثاره السلبية وتخفيفها باكبر قدر ممكن.
ولا بد لنا من الاستفادة من بعض التجارب التي اثبتت نجاعتها في محاربة هاتين المشكلتين الرئيسيتن في اقتصادنا الوطني(الفقر والبطالة)، ومنها مثلا الاقراض الميكروي الذي يقوم على منح قروض بمبالغ صغيرة نسبيا تساعد على انشاء مشاريع مهنية غالبا يحتاج الى منتجاتها وخدماتها غالبية المستهلكين، ولدينا والحمد لله عدة مؤسسات تقوم على هذا النوع من الاقراض، ولكن المراجع لشروطها وقوانين منح القروض لديها يرى ان هذه الشروط والقوانين تشكل دوما حاجزا امام العديد من الشباب من الاستفادة منها، فهي تشترط دوما رهونات عقارية وكفالات قد لا يستطيع اكثر الشباب توفيرها، لذا لا بد من العمل على مراجعة هذه القوانين والانظمة التي تقيد عملية منح هذه القروض والعمل على تشجيع الشباب على الاقبال على الاقتراض الميكروي من خلال مساعدتهم في عملية الانشاء والتصنيع والتسويق لمنتجاتهم وخدماتهم مما سيعطيهم شعورا بالرضى والامان من الاقبال على هكذا نوع من الاقراض.
صحيح انه ليس لدينا بعد الموارد والامكانات المتاحة للدول ذات المعدلات المنخفضة في الفقر والبطالة، الا اننا نملك ثروة بشرية تكمن في اعلى معدل للتنمية البشرية في البلدان العربية والذي يكمن في القوى البشرية الاردنية، هذا يعطينا ميزة يجب استغلالها وتسويقها لجذب الاستثمارت في مجال البحوث العلمية مثلا في مختلف مجالات العلم، ويعطينا ايضا مؤشرا على امكانية استغلال العقول من خلال التحفيز على الاختراع والابداع وابتكار المبادرات الخلاقة التي من شأنها المساهمة في التخفيف والحد من المشكلات الكبرى.
M_abubaqar@yahoo.com