د.أحمد أبو غنيمة
لن يكون الرئيس التونسي الهارب من شعبه اول الطغاة الذي يسقطون من قلاعهم الحصينة، فقد سبقه طغاة كثيرون على مر التاريخ، ظنوا انهم فوق البشر وانهم أقوى من الصخر والحجر، لنتبين انهم أدنى من البشر ولا يزيدون سماكة عن ورق الشجر.
إن تخليد مصارع وسقوط الطغاة، فيه من العبر والعظات الكثير الكثير، لمن كانوا مثلهم يسيرون على نهج فرعون {إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين} (سورة القصص: 4)، هؤلاء الظغاة الذين نسوا مقولة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم احراراً، فطفقوا يستبيحون الاعراض والاموال نهباً وقتلاً وتعذيباً.
كما ان سقوط مثل هؤلاء الطغاة الذين تجبروا في العباد والبلاد، فنهبوها وعائلاتهم وأنسباؤهم وأصهارهم ونهبوا خيراتها وباعوا مؤسساتها وثرواتها، وباتت مزرعة من مزارعهم يجولون ويصولون فيها بلا رقيب ولا حسيب، هو درس لكل الشعوب المستضعفة والمظلومة والمقهورة من ظلم طغاتها، أن يؤمنوا ويتيقنوا من قوله تعالى { ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله } ( فاطر الآية 43)، وقوله تعالى {وكان حقا علينا نصر المؤمنين} (الروم: 47)، كما عليهم أن يتخذوا من قول سيدنا علي كرم الله وجهه أن دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة، منهجاً وإيمانا راسخاً لا تزحزه السجون والإعتقالات والتعذيب والقتل وغيرها من جرائم هؤلاء الطغاة وأعوانهم، لأن الباطل مهما ارتفع فهو إلى انخفاض ومهما انتفش فهو إلى زوال، { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ } (الرعد: 17).
يقول الشهيد سيد قطب في تفسير الآية إن الماء لينزل من السماء فتسيل به الأودية، وهو يلم في طريقه غثاء، فيطفو على وجهه في صورة الزبد حتى ليحجب الزبد الماء في بعض الأحيان . هذا الزبد نافش راب منتفخ . . ولكنه بعدُ غثاء . والماء من تحته سارب ساكن هادئ . . ولكنه هو الماء الذي يحمل الخير والحياة. . كذلك يقع في المعادن التي تذاب لتصاغ منها حلية كالذهب والفضة، أو آنية أو آلة نافعة للحياة كالحديد والرصاص، فإن الخبث يطفو وقد يحجب المعدن الأصيل . ولكنه بعدُ خبثٌ يذهب ويبقى المعدن في نقاء.
وبعد،
اليوم الأحد 16/1/2011، نحن على موعد في وطننا الحبيب في اعتصام سلمي لتوجيه رسالة إلى النخبة السياسية في الأردن، بأننا لا نطالب باستقالة حكومة السيد سمير الرفاعي فقط لأنها فصّلت الإنتخابات النيابية كما تريد لتحصل على ثقة تاريخية غير مسبوقة من نواب تخلوا عن الشعب ليسيروا في ركاب الحكومة، ولا نطالب باستقالة حكومة الرفاعي فقط بسبب الأوضاع الإقتصادية التي تنتهجها منذ اكثر من عام والتي تزيد اوضاعنا بؤساً على بؤس وفقراً على فقر، لا نريد استقالتها لهذه الأسباب وغيرها كثير... بل نريد استقالتها لنطالب بولادة حكومة وطنية من صلب الشعب وخياراته وتضع مصلحة الوطن فوق مصالحها ولا يتقصر وزراؤها على الكابيتاليون او غيرهم من أصدقاء الرئيس وأحبابه....
باختصار وبوضوح ... نريد حكومة للشعب ومن الشعب...