كتب :حازم الصياحين تم ارسال صورة شخصية
ما يجري في الشارع الاردني هو امتداد للثورة التونسية بعد ان شهدت مدن الاردن اعتصامات سلمية للمطالبة برحيل حكومة الرفاعي وللاحتجاج على غلاء الاسعار الذي فاق قدرات الاردنيين حيث يرى الاردنيون ان حكومتهم الاخيرة زادت الاوضاع سوءا عقب فرض ضرائب متتالية اثقلت جيوب المهمشين والفقراء والطبقات ذات الدخل المحدود.
ولعل الشعور العام السائد والمزاج الشعبي والدعوات التي بدات تصدر من احزاب تدعو الى اعتصامات سلمية جديدة يوم الجمعة القادم وسريان معلومات عن توجه نيابي لطرح الثقة بالحكومة وتنفيذ الاسلاميين والنقابات المهنية اعتصاما امام مجلس النواب يدلل على حالة عدم الرضا من الحكومة التي تجاهلت الشعب ولم تكترث به فكان ما مكان... وعلى نفسها جنت براقش.
داخليا المشهد السياسي يعيش مرحلة حرجة ومفصلية اكثر من أي وقت مضى مع تنامي حالة الغضب الشعبي في الشارع فالمؤشرات على ارض الواقع تدلل على ان لا بوادر للانفراج في ازمة الشعب مع الحكومة التي اصبحت أي ـ الحكومة ـ منتهية حكما وعلى سرير الانعاش وحالة حلها من عدمه بات مسالة وقت وقد يؤخر الاعلان عنه مبدئيا لكي لا تصبح سنة حميدة مستقبلية .
حالة الاحتجاج الشعبي لم تفهمها حكومة الرفاعي الى ان تدخل القصر وامر الحكومة باتخاذ اجراءات عاجلة لخفض الاسعار على الرغم ان وظيفة الحكومة خدمة الشعب لا التنكيل به غير ان حكومة الرفاعي مضت وبلا هوادة في تنفيذ برامجها وترفع الاسعار دون ان تسمح صراخ الغلابة والمساكين والمشردين وهو ما فاقم الامور واوصلنا الى طريق مسدود ربما سيعيد فتحه أي ـ الطريق المسدود ـ الراي العام فحكومة الرفاعي استحسنت الارقام والاموال التي ترفد بها الموازنة العامة شهريا من جيوب الشعب.
الاهم من كل ما يجري حاليا في الاردن هو ان لا يكون التغيير من اجل التغيير والمطلوب ايجاد حكومة تعمل ضمن جدول زمني ليس اني وانما واضح ومحدد لا يتغير بمجرد تبدل الحكومات واساسه العدالة والمساواة والتنمية وتوزيع الوظائف بعدالة لا ان تكون لشخوص محددين ولابن فلان وفلان في حين ان المهمشين والمستضعفين في الارض لاحول لهم ولا وقوة.
تاريخيا ومنذ نشاة الدولة الاردنية لم تشهد الارض الاردنية اعتصامات واحتجاجات بشكل رسمي وعلني بمشاركة كافة اطياف الشعب للمطالبة باستقالة الحكومة ومجلس النواب باستثناء ثورة الخبز التي حدثت جنوب الاردن في معان.
الدوافع والمبررات للنزول للشارع لم تات من فراغ وهي نتاج حكومي بحت ليس وليد اللحظة وانما ساهمت الحكومة الحالية في تغذيته جراء ما اقترفته بحق ابناء شعبها دون اتخاذ اجراءات واقعية لادارة الملفات التي لها تماس بحياة الشعب فحالة الاحتقان بعد ان كانت خفية سرعان ما اصبحت ظاهرة للعلن مع تصاعدها تدريجيا فهل الحكومة كانت تنفخ في قربة مخزوقة أي انها لم تعلم ان سياستها اوصلت الناس للحظيظ اذ لم يجن المواطن سوى الغلاء....
الهاشميون منذ قيام الدولة الاردنية حرصوا على بذل الغالي والرخيص للنهوض بابناء شعبهم ونقل حياتهم للافضل وهو ما حدث فعليا طيلة السنوات الماضية وتحقق على ارض الواقع فحالة التقدم والتطور الحاصلة في مختلف مناطق المملكة لا ينكرها احد لكن ان تخذل الحكومات قائدها ولا تقوم بواجبها هو امر لا يغتفر ويجب ان تحاسب عليه فكتاب التكليف السامي للحكومة الحالية كان واضحا وصريحا واكد على ثوابت عديدة وفي مقدمتها حماية الطبقة الوسطى والفقيرة وهو امر لم تلتزم به الحكومة.
الحديث كثر مؤخرا عن ثروات الوطن ومقدراته ومكتسباته المادية والاموال التي تسرق وتنهب من جيوب الشعب فهي حق للاخير لا لاحد غيره ولو وصلت الى ابناء الشعب أي الاموال المسروقة لتغير الحال وهدأ البال فقضايا مدفونة واخرى تكشفت مازالت حاضرة في اذهان الاردنيين فقبل زمان اعلن عن تورط مدير مخابرات الاردن السابق بصفقة فساد مالي تجاوزت الملايين ومؤخرا تم الافصاح عن فساد في مصفاة البترول واحيل من احيل للقضاء والحبس وقبل اسابيع كشف عن ملف موارد والتجاوزات الحاصلة فيه بالملايين وقبلها في وزارة الزراعة وياترى ماهي الحيثيات والتفاصيل التي حصلت قبل اكتشاف هذه القضايا وبماذا عوقب مرتكبوها وهل اعيدت الاموال المنهوبة.
ومع عدم قناعة الراي العام بالاجراءات المتخذة حيال الفساد والمفسدين مقارنة مع الجرم المرتكب والذي كان سببا في هلاك العباد فان ذلك شجع وحفز كثيرين الى استحلال المال العام فمن وجهة نظر مسؤول حكومي ولدى سؤاله عن اسباب ثرائه التي ظهرت عليه منذ تسلمه مناصب مختلفة في الدولة كانت الاجابة والكل ينصت له "بان الحنفية مفتوحة فهل يشرب ام لا" فالمال السايب بعلم السرقة والنتيجة ازدياد اعداد المقهورين في الارض.
وعودة للوراء قليلا فالحكومات المتعاقبة زادت البلد خرابا وهلاكا فالزراعة تقف على مفترق طرق باعتبارها قوت المواطن وعادت للوراء والثروة الحيوانية اهلكت بعد رفع دعم الاعلاف عنها ومشاريع الطاقة مازالت مجهولة المصير واخرى واخرى مازالت عالقة الى اليوم .
البلاد وصلت الى مرحلة مازومة وربما الى حافة الهاوية وهو شعور بدا يتسلل تدريجيا ويسيطر على هواجس الاردنيين بان ثمة خلل ما يحصل ولا بد من وقفه ومعالجته حفاظا على الوطن والقائد فمع تغير وتبدل الحكومات ووعودها المستمرة بمكافحة الفساد وفتح ملفاته ومعالجة الارتفاعات ا الا ان لا شئ تحقق فيستقبل الاردنيون ويودعون الحكومة ولا يجنون منها سوى اعباء جديدة تضاف الى اعباء اخرى ورثوها من حكومات سابقة وهو امر افقد ثقة الشعب بالحكومات خصوصا ان اصحاب الثروات والاموال يزدادون ثراءا والفقراء يزدادون فقرا وهي معادلة بحاجة لحل سريع ...