عندما يعتقل مواطن ،أو يلاحق في رزقه ،أو يمنع من الكتابة ،تجد المعارضة بكل أطيافها تسارع للمطالبة بحماية الحريات ،ومن ثم توقيع البيانات ،والوقوف في الاعتصامات ،والتصريح في الفضائيات ،وربما الاضراب لساعات،وتتحمل المعارضة في سبيل ذلك الكثير الكثير وكله محمود لانه يصب في مصلحة المواطن والدفاع عن حريته في الحياة والرزق والتعبير دون تضييق او تهديد.
ويكون شعار المعارضة وانصارها في ذلك كله قول الخليفة العادل:"متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا".
ولكن المحك الحقيقي للمعارضة،عندما تظهر معارضة داخل صفوف المعارضة كيف
سيتم التعامل معها؟وهل ستلاقي قبولا؟ ،وهل سيسمح لها بالتعبير؟ ،وهل ستكفل الحريات حينها؟ام ان المعارضة تطالب بالديمقراطية والحرية الى ابعد الحدود،ولكن عندما تملك زمام الامور تصبح دكتاتورية اكثر من الدكتاتورية نفسها؟
وتجد كثيرا من المؤسسات المحسوبة على المعارضة تقوم بتطويق أي صوت يخالفها ولو بالرأي وبلمح البصر،لاعتبارات مبررة بالنسبة لها، فهي مستهدفة ودائما هناك من يتربص بها ويتصيد لها الاخطاء ،فسرعان ما تلقى التهم بالانتصار للذات ،ومخالفة رأي المؤسسة،والتشكيك في الانتماء الحقيقي،وربما تصل أحيانا الى حد الاستتابة ،ومن ثم يصدر الحكم بالاعدام ،ولكن الاعدام داخل صفوف المعارضة اشد واقصى من الاعدام المتعارف عليه،فأنت محاصرولكن هذه المرة من رفاق الدرب ،ممنوع من التعبيرولكن هذه المرة من اخوانك ،ملاحق في رزقك ولكن هذه المرة من مؤسستك التي طالما ضحيت في سبيل الحفاظ على وجودها .
وسؤالي لكل الاحرار في صفوف المعارضة ومن سارعوا لتوقيع بيان السبعين الذي يطالب الحكومة بالحريات ،اذا تم التهديد بالقمع والتضييق وأهانة معارض داخل صفوف المعارضة،فمن يطالب المعارضة بالحريات؟!