خرج حزب العشائر وخضعت أحزاب النفاق
خرج الأقوياء واستكان الضعفاء
خرج أبناء الوطن وجلس المدعين
خرج حراثوا الوطن وتقاعس المرفهون
خرجت الأغلبية الصامتة وأستنكف المنظرون
خرج زعماء الحرية و حملة رايات التغيير وتثاقل المبرمجون
هناك في قلعة التاريخ ومعبد آلهة الثورات وأرض الحرية وقبلة الرجال ومحج القيادات خرج رجال الهية ليثبتوا لكل الأردنيين وللمرة الألف بأنهم قلب الأردن النابض وبوصلة حراكه معقله القومي وسياج ومقياس حريته خرجوا كما خرج غيرهم من إخوانهم الرجال في ذيبان وقلة في اربد وعمان خرج هؤلاء وكأنهم هم فقط الفقراء والمحتاجون خرج هؤلاء وكأنهم هم فقط من أمواج الغلاء وارتفاع الأسعار متأثرون خرج هؤلاء وكأنهم هم فقط الأردنيون أين البقية ؟ أين باقي الشعب؟ هل ينتظرون كما هي العادة يراقبون ويتأملون وهم في قبورهم ساكنون، يدعون وينتظرون لجني الغنائم والأرباح وهم على الأرائك مرتاحون !! يجب على الشعب أن يكون يداً واحدة في مواجهة هذه الهجمة الحكومية الشرسة على جيوب المواطنين وحريتهم والتي استباحت كل المحرمات وتخطت جميع الأعراف بدعم من مجلس ال111 الذي فقد مبررات وجودة وأسباب بقاءه بعد الصفعة التي وجهها لوجوه ناخبيه الذين هتفوا مطالبين برحيله واصفينه بالعبء مهيمنة بالخذلان.
التظاهر السلمي المسؤول يعد من أرفع درجات الحرية والديمقراطية ومن أروع طرق التعبير عن الرأي وإيصال المطالب، وقد اثبت الأردنيون الأحرار الذين خرجوا يوم الجمعة على الرغم من بعض الدعوات الصادرة من بعض المتخاذلين والذين أصبحوا معروفين ومشهورين بتقاعسهم ، والذين يدعون الوطنية والخوف على الوطن واقسم بأنهم سيكونون أول الفارين إن حدث أي مكروه لا سمح الله، خرج الأحرار رغم دعوات بعض خطباء الجوامع الذين تحولوا إلى أداة تستعملها الحكومة لإيصال رسائلها كما فعلوا إبان الانتخابات الأخيرة ونسيوا أنها لن تنفعهم عندما يقفون بين يدي العزيز الجبار، خرج الأحرار مطالبين بأدنى متطلبات الحياة ، لا يريدون سوى الكرامة و رغيف الخبز.
لقد أثلج صدورنا وأبهج قلوبنا ما حصل في تونس، ليس فقط لأنهم أزاحوا الطغيان، بل لأنهم اثبتوا للعالم بأن العرب شعب ما يزال على قيد الحياة، وما زال يستحق الحياة، ما حصل في تونس يؤكد لنا بأن التغيير لا يأتي إلا بالحراك، ومع أننا لا نستطيع أن نسقط ما حصل في تونس على وضعنا الأردني كون نظامنا والحمد لله ليس نظام مستبد وليس نظام متسلط ولم يأتي على دبابة ولم يحكم بحد السيف، فقد من الله علينا بقيادة حكيمة فذة، ولكننا يمكننا أن نستخلص العبر ونتأكد بأن اعتصاماتنا لا بد وأن تثمر وتجبر الحكومة على الإذعان لصوت الشعب والرضوخ لمطالبه وأخذ رأي الشعب وصوته بالحسبان وعدم اعتباره شعب مسلوب الإرادة والقدرة يعيش على رفوف النسيان.
و سنبقى نردد أبيات أبو القاسم الشابي إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ولا بد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر ومن لم يعانقه شوق الحياة تبخر في جوها واندثر .