عمر شاهين
صباح يوم الاثنين 17/ 1/ نشرت بعض المصادر الإعلامية أخبارا ليس لها مصدر اعتمدت على التكهنات وقراءة ردود الشارع بأن حكومة الرفاعي على وشك المغادرة، وهذا ما نفاه الرئيس نفسه وبشكل ذكي حينما ظهر على نشرة أخبار الساعة الثامنة.متحدثا عن مشروع الحكومة الاقتصادي القادم، وحديث الرفاعي جاء بعد تلقي النشرة لهاتف من جلالة الملك عبدالله الثاني مهنئا بفوز المنتخب الأردني.
التوقعات باستقالة الرفاعي لم يأت من الحكومة داخلها ، ولا بأي إيحاء من داخل الحكومة، انما برؤية لغضب الشارع الذي قدم خمسة آلاف متفرقين على عدة محافظات، قادها حزبيون معظمهم إن لم نقل النسبة العظمى من أبناء العشائر الأردنية ، وإن زدنا ألف وخمسة مئة الذين اعتصموا ، فسيكون إجابة واضحة، بان ثقة النواب 111 طبيعية لرئيس الوزراء ، لان عدد المعتصمين لا يشكل نسبة عالية لمن اتهم المجلس بأنه خان ثقة الشعب بهم، فمن لم ينزل معترضا على الشارع، أضعاف مضاعفة لمن طالبوا برحيل الحكومة.وهذا لا يعني رضا الشعب عن سياة الحكومة الحالية أو من سبقها.
هذا جواب واضح للسؤال الذي طرح عربيا وداخليا عن سبب الاختلاف بين ثقة نيابية عالية تلتها موجات من الغضب ، فاحد النواب الذين أعطوا الثقة للرفاعي وهو مثلا خليل عطية حصد 11 ألف صوتا أي ضعف عدد المعتصمين من المسيرات الشعبية يوم الجمعة والنقابية يوم الأحد. وما طالبه النواب ل يبدا بعد لان مناقشة الموزنة لم تبدأ أيضا وكذلك سياسية إنقاذ المواطن اقتصاديا، الا ان هناك غضب شعبي اتهم النواب باعطا الضوء الأخضر لسياسات الحكومة الاقتصادية.
ولا ندري كيف اتجه كتاب ورؤساء وصحف تحرير إلى أن حكومة الرفاعي في آخر وقتها، وهي لم تبدأ بعد ، وما واجهته لا تتحمل ذنبه نهائيا، وما يدار هو حملة شعبية احتفائية أكثر ما تكون سياسية واقعية، تتناقل بين شباب وسياسيين، دون أن نسمع ما يريدون حقا، فكيف تعالج المديونية، بخلع حكومة، وكيف تقال أمام الرأي العام العالمي حكومة ، نالت نسبة 11من 120 من مجلس النواب، وان كان حلها ضرورة فالأصل الطعن بشرعية مجلس النواب ومن ثم حله وبعد هذا تحل الحكومة.
اختيار أي حكومة يأت تعين من جلالة الملك وكذلك حلها، وليس من رؤية حزبية أو حركات اجتماعية، وهناك في الدستور ما يجيز لمجلس النواب، ذلك بعد تقديم مذكرة، موقعة من عشرة نواب ومن ثم يتم التصويت العلني على إقالتها، وهذا مالم يتم، وهذا الموقف الذي ظهر جليا بين نواب ال 8 او بمن سميوا بنواب حجب الثقة أو آخرين خشيوا ، هبوط شعبيتهم، لا يدرون أن حل حكومة الرفاعي سيدخلهم والشعب بأزمة جديدة.مالم توجد حلول حقيقية.
الاقتصاد لا يعرف العواطف ولا الأمنيات، بل الأرقام فما يطلبه الناس حقيقي، فالوضع الاقتصادي للمواطن مدمر ويتجه إلى الهاوية والبطالة والقيمة الشرائية تشهد تراجعا كبيرا، ولكن مالحل، أمام أزمة في العجز والمديونية ، هل سيأتي الشيخ همام سعيد او الدكتور خالد الكلالدة او المتقاعدين العسكريين لتسلم رئاسة الحكومة ورفع الرواتب مئتي دينار وإعادة دعم المحروقات والمواد الأساسية فان كان بيدهم هذا فلتسقط حكومة الرفاعي ولتأتي حكومة المعارضة ، ولكن لنحصل منهم على موازنة المعارضة لعام 2011.
بصراحة حتى لو أزيح أو أقيل أو طرد الرفاعي فلن يأتي رئيس وزراء على حصان طائر يحل المشاكل، الاقتصادية ولن يكون هناك من يقبل أن يتحمل هذه المسؤولية الكبيرة جدا، والتي ستحشر إما بتحمل عبئ الموازنة وضيقها، أو إرادة الناس والتفريح عن أوضاعهم الصعبة، دون أن يتمكن طبعا من تحقيق هذا، فالسياسية الاقتصادية الصعبة مفروضة وليست اختيارية، وكان على المواطن أن يتحرك منذ الثمانينات والتسعينات ليوقف هدر وسرقة أمواله العامة ، حتى لا نصل الى ما وصلنا إليه.
ما يحدث لم يعد عملية هامش من الحرية ، بل شيء مؤلم بان نصل الىشتائم باقدح الألفاظ إلى رئيس الوزراء والى الحكومة، فهذا سيسهل هذا الأمر حتى للحكومات القادمة، ونخشى ما حل على مجلس النواب أن يحل على الحكومة فتصبح سيرتها تقذف بالشتائم في الشوارع والحارات ومجموعات الفيس بوك ، وهذا قد يصبح من تنفيس إلى انفلات لفظي قد يتطور إلى سلوكي، سيما أن المعارضة اليوم هي من محافظي الأمس والأكثر تواجدا سابقا في مناصب حكومية.
كنت كتبت في نهاية حكومة الرفاعي الأولى أن عودته ستسبب أزمة سياسية ، ويمكن هذا بتجاوزه ، وما زلت أضع ألف فشل وفشل على حكومة الرفاعي، وقلبي يعتصر على الوضع الاقتصادي أكثر من كل المعتصمين ولكني لا أريد مغادرة حكومة وتسجيل بطولات بقدر حلولا واقعية .
Omar_shaheen78@yahoo.com