محمد حسن العمري
***
مع انحناء كل القبعات غادر \" نشامى \" الاردن بطولة كأس آسيا ، بعد أن عقدوا الشماغ الأردني في عاصمة قطر ، إلى كل عواصم الخليج العربي التي صفقت لهم ، هذه المرة في الملاعب الخضراء بعد نحو ربع قرن من النسيان والتهميش ، حين ارتبط اسم النشامى بالقهوة المرة على ظهور الخيل ..!!
ليس ببعيد عن جيل العقدين السابقين ، حين كانت العمالة الأردنية المتعلمة في الخليج العربي ، ترتبط بالحالة الدرامية السائدة ، التي جعلت اسم الأردن كبيرا بين الأشقاء الخليجيين ، سقطت الدراما الأردنية والعمالة الأردنية ، بعد زلزال الخليج الذي أعاد حسابات العرب كلها ، و لم تفلح عودة العمالة الأردنية في ظل طغيان عمالة الدول العربية الأكبر كمصر وسوريا ، ومثلها الدراما المصرية والسورية ، الى ان تفعل شيئا في اسم الأردن الذي بدأ غائبا في معظم الأحايين ، إلى ان جاء عصر \" النشامى \" من لاعبي كرة القدم ليطغى اسم الأردن كبيرا على فضائيات الخليج ، طوال فترة البطولة والذي سيبقى قائما ما بقيت كرة القدم وما بقيت الدول ، افلح النشامى رغم عسر الموارد التي نعلمها ، ونعلم ان ميزانية نادي خليجي واحد تعادل ميزانية أنديتنا مجتمعة ومعها اتحاد كرة القادم ووزارة الشباب \"الغائية\" و لجنتنا الاولمبية ، وكل ما يمتلكه ألاعبون الأردنيون من عرقهم و ارثهم أو المنح التي تلقوها عبر انجازاتهم..!!
ليس غريبا ان نقول اليوم انه في ظل حضور الأردن الكبير – سابقا - بين الأشقاء في الخليج ان هذا كان له انعكاسات جمة حتى على أنظمة الحكم في دول الخليج العربي ، و قد كان السلطان العُماني قابوس بن سعيد ، ومن بعده ملك دولة البحرين الملك حمد ، يكررون الطقوس الملكية البروتوكولية التي كان ينهجها الراحل الملك الحسين ، ولن ننسى كيف كان أمير قطر الحالي ، في استقبال الملك الحسين في مطار عمّان وهو عائد من رحلة العلاج الأخيرة التي توفي في إثرها ، وكيف كان ينظر جل حكام الخليج وعلى رأسهم الراحل الشيخ زايد رئيس دولة الإمارات الى الجيش العربي الأردني كصورة للانضباط التي ينشدون ان تكون جيوشهم ، كان الأردن برمته وجها مشرقا بين الأشقاء الخليجيين ينظر له كحالة عربية مشرّفة لبلد لم يكن بالمطلق بين قوائم العرب الأكثر سكانا ، ولا بالموارد ..!!
اليوم استمع بشهية كبيرة إلى فضائيات العرب المنطلقة من دبي والرياض و أبو ظبي ودبي والكويت ، وهي تتحدث عن النشامى بالصدارة ما يعيد للأذهان ، كيف صار الشباب ، أمثال عامر شفيع و عبد الفتاح و بني ياسين والصيفي و السلمان بدلاء عن أسماء أردنية كبيرة كانت تهيمن على \" شاشات \" الأشقاء امثال المشيني وعبير عيسى وحسن ابراهيم و ربيع شهاب و رشيدة الدجاني ، بشهية كبيرة اسمع اسم الأردن اليوم يتردد على شاشات الأشقاء كحالة غائبة منذ عشرين سنة ، لم تفلح عودة العمالة الأردنية و الدراما الأردنية ، ولا تجاذبات السياسة في ردها ، وافلح النشامى الشباب اليوم ، بزغاريد مغادرتهم البطولة مرفوعي الهامة ، يستحقون وساما ، مشرفا ، في ان يكون اسم الأردن كبيرا بين الأشقاء ، افلح النشامى في تسجيل نقطة شرف مضيئة في الوحدة الوطنية وهم القادمون من البوادي والأرياف والمخيمات ، القادمون من الرمثا ودير أبي سعيد وشنلر والوحدات ، افلح الشباب على اقل تقدير في وضع بعض الاسمنت ، في الشرخ الذي أصاب جدار وطنيتنا هنا ، افلحوا في \"حياكة\" بعض الرقع الذي يتسع في هويتنا ، افلح أبناء العشرينات فيما اخفق به السياسيون والفنانون و الكتّاب و شيوخ العشائر ، افلح النشامى في تسجيل اسم الأردن \" موّحدا ، لا يرتبط بمنابت ولا أصول ،ولا مواقف ولا فصول ،و لا ثروات ولا وصول ، أردن واحد ، يشتهي القادمون إليه أن يعانقوا النشامى بقهوتهم المرة على ظهر الخيل الأردنية الغائية من زمـــــــــــــــــان ، وتبدو هي والفجر ، قادمة من جديد ..!!