لأن الكتابة رحلة فوق أمواج الحياة...ولأن الفكر والابداع لا يعرف له وطن، تختار العصافير على غير عادة السفر، ولأن الحب لا يعرف الحدود ولا التأشيرات، ولا ينتظر أمر السلطان ولا أمر أبي لهب...فإنه يلقي بظلاله إبتداءا من جبل عمّان، لينحدر بإتجاه سقف السيل ليمتزج بالوجوه التي تعشق الحياة ...أكثر.
حين تشرق الشمس فيك يا وطني، أتسائل أي عصفور سيغادرنا اليوم، وأي قلب سنخسر، وأتساءل أيضا بأمر من تفر العصافير، أكتب اليوم عن هاشم برجاق الكاتب الرقيق الذي أختار الرحيل، عندما يكون كل ما تملك لا يكفي ثمنا لتذاكر سفر...عفش البيت وعلبة ألوان إبنته جود ودفتر رسمها حتى حذاء إبنه يزن، فهذا كل ما يملك، عرفته طفلا ومن شدة وعظم الحب في قلبه بقي بعمر خمس سنين كبر حبه لعمّان وبقي هو طفلا يرفض أن يكبر، أي مساحات في أوروبا ستكفي لقلبك الرقيق، وهل سيفقهون حديثك عن "رائحة جبل عمان"، أم أنّك ذاهب لتعلمهم ان "الفقر ليس عيبا"...هل كنت تعني ما تقول، وهل يطردنا من أوطاننا إلا الفقر...الفقر ليس عيبا على حامله بل على مجتمعه، هل سيفهم أهل السويد قصّة عذراء "صرخت من مقابر الشرف" ماذا ستفعل يا صغيري إن داهمك البرد في ليل ستوكهولم الطويل، وكيف ستكتب عن عمان، وهل سيتواطىء الإلهام السويدي معك هناك...في مملكة الجليد.
لا اعرف من شدة حزني إن كنت اكتب عنك ام عني هل أًبكي عليك ام ابكي على نفسي، ولكن هي الكلمات التي تتعثّر في الحنجرة فتوئدها هناك عَبرَة، فتقاتل لتتحرر فتولد كدمعة تتكون بين جفني وتنتهي هناك....
ماذا أخبر عاشقين عمّان إن سألوني عنك، وماذا أكتب بعد ان اختزلت الكلمات في كحل عينا إمرأة شرقية، وأصبحت كل التراتيل رثاءا وهجاءا وجلدا للذات ...
لماذا يتوجب عليك انت وليس اللصوص الرحيل...كيف تُكفكف دموع الرجال يا هاشم حين تسيل...وهل غدا ليل عمان حقا جدا جدا جدا طويل؟؟؟...لا زلت لا اصدق يا صديقي أنك آثرت الرحيل...
ستظل يا ابا يزن الدمعة التي لن ابكيها.....
من قلب اخيك قصي النسور