حسان الرواد
ما حدث بين الأخوة في محافظة معان قبل أسابيع ما هو إلا سحابة صيف سرعان ما تزول غمتها وتعود العلاقة لسابق عهدها, ولا أتحدث هنا عن جريمة القتل التي حدثت في الشيدية وكانت شرارة للأحداث التي تبعتها, فجريمة القتل مدانة بكل المقاييس, كما أن القاتل معروف ولا يمثل إلا نفسه, والقضية باتت في أيدي الأجهزة الأمنية التي ما تزال تبحث عنه, إضافة للجهات القضائية والعشائرية المعنية بحلها؛ لكني أتحدث عن تبعات ما بعد جريمة الشيدية والتي استغلتها فئة لا علاقة لها بأهل القتلى أو القاتل وتسببت بتفاقم الأمور بين الأهل والجيران والأصهار والأخوال الذين تربطهم علاقات تاريخية وجيرة أبدية, فكان ما كان عندما عملت هذه الفئة على تأجيج الفتنة بين الطرفين المعانية والحويطات مما تسبب بتلك التداعيات والنتائج التي وصلت إليها الأمور, والعجيب أن محاولات ومساعي الصلح والتقريب بين عشائر معان والحويطات لم ترتقِ إلى مستوى الحدث وتُركت الأمور على حالها إلا من بعض المحاولات الفردية المشكورة وغير الفاعلة في عودة المياه العذبة إلى مجاريها, والأخوة الصادقة إلى وضعها الطبيعي, لكنها لم تكن كافية وذات فاعلية.
وفي ظل حالة الفتور والترقب من كلا الطرفين, وفي ظل غياب المبادرة الجادة لإنهاء حالة التوتر والقلق والجفاء وتأثر مصالح الجميع وتعطلها, وبانتظار الفارس الذي يطرح زمام المبادرة, ومن أجل قطع الطريق على كل الجهات المستفيدة من قطيعة الأخوة والأهل, وأصحاب الهمّ المشترك وتقاسم لقسوة الحياة من طبيعة صعبة مشتركة, وحكومات لكل محافظة معان مهمِلة, ولكي تُخرس الألسنة المسمومة, وأبواق السوء والقطيعة, والتي لا تبتغي الخير لعشائر محافظة معان الأبية كلها: من حويطات ومعانية, وسواء كانت هذه الجهات ظاهرة أو خفية, ولكي تعود الثقة والمحبة والمصاهرة والجيرة كسابق عهدها, فقد كانت مبادرة الفارس الشهم سعادة النائب خالد الفناطسة نائب مدينة معان الذي بادر بكل جرأة عرفناها عنه, وبكرم سخي غير مستغرب منه, وشجاعة نبيلة مستمدة من عزة نفسه الأبية الحرة التي جُبل عليها في صحراء معان العربية, نعم بادر هذا الفارس ليكسر حالة الجمود ويمد يده بكل رجولة ومعان من خلفه تبارك صنيعه لأخوته الحويطات من خلال الدعوة العامة واللقاء الحميم المبارك في يوم جمعة مبارك مشهود, ليجمع بين الأخوة من شيوخ وعشائر معان والحويطات, وليتكفل الفارس المعاني خالد الفناطسة بكل تفاصيل الدعوة واللقاء؛ ليجمعهم على الخير الذي كان وسيبقى بينهم ولطالما عُرف عنهم جميعا, وليسجل لنفسه وللتاريخ هذه المبادرة الخيرة التي تستحق منا جميعا كل التقدير والثناء والإكبار, كما أن مبادرته هذه تعبر عن الشيم العربية الأصيلة وعن طبيعة أهل معان وصفحتهم المشرقة البيضاء خاصة مع أهلهم وأحبتهم عشائر الحويطات الأصيلة.
يوم الجمعة 21/1/2011 هو يوم محافظة معان ويوم المحبة والخير وزوال الغمة الطارئة الغريبة عن محافظتنا, في أردن الخير حيث طويت صفحة مؤلمة دخيلة لم نعتد عليها في تاريخ هذه المحافظة الأصيلة, ولا يريد أحد منا عودتها أو حتى تذكرها... ومن هنا ونيابة عن كل من يحب محافظة معان ويحرص على صفاء ونقاء صفحتها الناصعة الجميلة أوجه رسالتين: الأولى رسالة عتب لوسائل الإعلام المحلية وخاصة الإلكترونية التي لم تذكر شيئا عن هذا الحدث الهام الخّير المشهود الذي ضم المئات من أبناء عشائر وشيوخ ووجهاء ونواب معان وأبناء الحويطات, في حين أن مراسليها لا يترددون في ذكر ونشر الأخبار السلبية ولو كانت بسيطة وفردية والتي تؤثر سلبا على سمعة المحافظة عامة ومدينة معان خاصة...والرسالة الثانية: أقول لك يا أبا هيثم: سلام عليك وقد ذكّرتنا بالهرم بن سنان والحارث بن عوف وتضحياتهما وجودهما السخي الذي أسهم في إصلاح ذات البين بين أبناء العمومة الواحدة, فلن ينسى الأردن كله صنيعك هذا, وسلام على معان المدينة ومعان المحافظة, وسلام على الأردن الوطن الأغلى, وسلام على كل الأردنيين ومليكهم المفدى, ودرأ الله عنا الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن.
rawwad2010@yahoo.com