بقلم : م. سائد العظم
وجاء الأمر لأئمة المساجد بإقامة صلاة الإستسقاء قبيل ساعات من المسيرات الشعبية كآخر محاولة حكومية لتشتيت المشاركين الغاضبين من تدهور الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي تعصف بهم ، وهي ليست المرة الأولى ولا أظنها الأخيرة التي تستخدم فيها وزارة الأوقاف الدين لخدمة الرغبة الحكومية في فرض رأيها على الناس !! وهو إن دل على شئ فإنما يدل على حالة التخبط والإفلاس الحكومي في مواجهة الضغط الجماهيري المطالب باستقالتها وإجبار صناع القرار على فرض إرادة التغيير الحقيقي والإصلاح بكل جوانبه !!
ومن خلال التقارير الميدانية للمساجد في العاصمة وبعض المحافظات لرؤية مدى التزام أئمتها بإقامة صلاة الإستسقاء تبين أن المساجد التي تم التأكيد عليها بشدة لإقامة هذه الصلاة هي المساجد التي ستخرج منها هذه المسيرات فقط في حين تم تجاهل باقي المساجد من هذا التأكيد !! وهنا لا بد من تسجيل كل الإحترام والتقدير لكل أئمة مساجدنا بشكل عام وخصوصا الذين رفضوا إقامة هذه الصلاة إحتراما لدينه ولعلمه ، ولرفضه أن يكون ريبوطا بلا رأي تحركه الوزارة أنى شاءت ومتى شاءت !!
نحن لسنا ضد صلاة الإستسقاء كصلاة على العكس نحن بحاجة لإقامتها ، ولكننا ضد أن تقوم الحكومة بتجيير الدين وأحكامه لهواها المغاير للرغبة الشعبية ، وهي التي تتهم دائما الحركات الإسلامية بنفس التهمة المملة التي قامت بها ألا وهي تجيير الدين لتنفيذ الأجندات الخاصة !! حتى برنامج فتاوى الإذاعي الذي ينتظره ويحبه كل الأردنيون لم يسلم من التدخل الحكومي وقد استخدمته في فرض رأيها على الناس البسطاء الأذكياء حيث استضاف مقدمه الدكتور نسيم أبو خضير قبيل المسيرات الشعبية مساعد أمين عام وزارة الأوقاف الدكتور عبدالرحمن ابداح في مجموعة من الأسئلة الموجهة المعدة بعناية بأسلوب يثير الإستفزاز لفكر وعقل هذا الشعب الذكي !! ومما سأله الدكتور نسيم لضيفه : " ما حكم المشاركة في المسيرات التي تقام هنا وهناك ؟؟ " ، فيرد عليه ضيفه بأسلوب أكثر استفزازا لفكر وعقل هذا الشعب الرائع : " لا يجوز المشاركة في هذه المسيرات طالما لا تحظى بالترخيص من المتصرف أو المحافظ " !!!
فيا وزارة الأوقاف – واسمحي لي باختصار اسمك الطويل العريض لضيق المساحة المخصصة لي – لا تهزأوا بهذا الشعب الذكي المثقف منذ ولادته !! لا تجيروا الدين لخدمة ما ترغبون به !! كوني أنت ودائرة الإفتاء في هذه المواقف جزءا من نبض الشارع لأننا والله ما زلنا ننظر إليكم نظرة خير وأمل بأن تقولوا كلمة الحق وأن تحسوا بوجع وألم هذا الشعب الذي أحبكم واحترمكم لعقود ولا يزال كذلك ، تذكروا دائما بأن رب العالمين قد حرمنا المطر بسبب أفعالنا وذنوبنا فلا تزيدوا الطين بلة وتهزأوا بسنة الحبيب عليه الصلاة والسلام باستعمالها عند المصلحة وتذكروا حديثه الشريف حين قال " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرء ما نوى ... " !!!