أولاً: نصف كيلو كعك يومياً
في أجواء الغلاء المتصاعد, وتضاعف أسعار الكثير من المواد, فإن زيادة العشرين دينار الأخيرة التي أنعمت بها الحكومة على الموظفين والعسكريين والمتقاعدين، لا أتوقع أن تحدث أي تأثير على الوضع المرير الذي هبط على المواطن من الناحية الاقتصادية, أي أنني فشلت في أن أجد ما يمكن اعتباره فَرَجا للمواطن وأسرته في أن يصل إلى مرحلة الكفاف. لو كانت الزيادة بقيمتها الحالية ( عشرون دينارًا ) قبل موجة الغلاء ورفع الأسعار لكانت مناسبة ولها قيمة, أما الآن فإنّ الزيادة ستصل للمواطن ذائبة باهتة، لا تُدخل فرحة إلى أسرته ولا ترفع حرجه أمام صاحب الدكان أو بائع اللحم أو مالك العمارة. ما يمكن أن تضيفه هذه الزيادة قد يكون نصف كيلو كعك يدخل بها المواطن على أسرته إلى جانب ربطة الخبز فيتحلون بها بعد وجبة الغداء التقشفية, أو يتعشون بها بعد غمسها بالشاي قليل أو منزوع الدسم.
ثانياً: موازنة ما يطلبة المتظاهرون
توقيت الزيادة الأخيرة مستهجن جداً, هل له علاقة بالثورة الشعبية المظفرة في تونس؟ نعم وألف نعم. هل له علاقة بإصرار الحركة الإسلامية ومعها القوى النقابية والشعبية المختلفة للنزول إلى الشارع؟ نعم وألف نعم. هل تشعر الحكومة أنها مأزومة وتكثر السكاكين على رقبتها لإزاحتها لأنها أغضبت أكثر مما أرضت؟ نعم وألف نعم. لماذا كانت هذه الزيادة مستحيلة قبل أيام قليلة؟ فطاحل الحكومة كان شغلهم الشاغل أن يذكِّرونا أننا بلد محدود المصادر، وأنّ دعم السلع بات مرهقًا للموازنة فلا مناص عن رفعها, وفجأة ولا تعرف كيف, تكتشف الحكومة أنها تستطيع أن تزيد الرواتب كحل للمشكلة الاقتصادية في الأردن! بالعربي الفصيح ظنت الحكومة أن زيادة الرواتب سيُحدث فرقعة إعلامية أفضل من خفض الأسعار، وبالتالي يُثنوا الناس عن النزول إلى الشارع ويُرَدّ كيد الكائدين والمتربصين. إن كان الأمر هكذا, فإنني أدعو الجماهير أن تستمر في التصميم للنزول الرصين للشارع لعلنا نظفر بزيادة أخرى ليلة الخميس القادم.
ثالثاً: لا زيادة لأبناء البطة السوداء
أعلن الرئيس الوسيم أنه سيزيد \"العشرين\" للموظفين الحكوميين والعسكريين والمتقاعدين, وكأن الأسعار قد ازدادت فقط على هذه القطاعات المكتوية بالغلاء، بينما بقيت الأسعار كما هي مريحة ومناسبة ولم ترتفع بالنسبة إلى العاملين والموظفين في القطاع الخاص! دولة الرئيس, في الأردن أناس غلابى ما هم بالموظفين الحكوميين ولا العسكريين ولا المتقاعدين, هم أردنييون لكن لم تسعفهم الظروف ( التي تعرفها ) أن يحصلوا على فرصة في وظيفة حكومية محترمة, فوجدوا بالكاد مكانًا لهم في شركة ما، أو كراج ما أو مصنع ما أو سيارة أجرة ما, أو مدرسة خاصة ما, هؤلاء منكوبون قبل زيادة الأسعار يا دولة الرئيس, فلما جاءت الزيادة تضاعفت نكبتهم؛ لأن \" عشرينك\" لن تصل إليهم! كانوا يظنون أنك يا دولة الرئيس ستشعر معهم على اعتبار أنك لست \" إبن حكومة \" فلم تكن موظف دولة قبل ذلك, بل جئت لرئاسة الحكومة من القطاع الخاص, فاستبشر هذا القطاع أنك كفيل أن تحمل هموم أبناء البطة السوداء!
هل بقي وقت للنصائح, أم أن صباح الغد سيحمل حلّ الحكومة وليس حلا من الحكومة؟