زاد الاردن الاخباري -
يترقب رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز، شهر رمضان بنوع من القلق؛ بعد أن ارتبط الشهر الفضيل باحتجاجات شعبية على الظروف الاقتصادية في حزيران الماضي، أطاحت برئيس الوزراء هاني الملقي، وحملت الرزاز من حقيبة التعليم إلى رئاسة الحكومة.
الترقب الحكومي جاء على شكل حزمة قرارات اتخذتها الحكومة في شهر رمضان المقبل من أبرزها: دعوة البنوك لتأجيل سداد قروض الأردنيين، إلى جانب التعهد بعدم قطع التيار الكهربائي، واشتراكات المياه لغير المسددين في شهر رمضان، وتثبيت أسعار المشتقات النفطية، وإنشاء أسواق شعبية للتخفيف من ارتفاع أسعار السلع وخصوصا الخضروات.
إجراءات قال عنها نائب رئيس الوزراء رجائي المعشر إنها تهدف إلى "التخفيف عن المواطنين خلال شهر رمضان"، إلا أن ناشطين في الحراك الأردني، يرون في هذه الإجراءات "محاولة لامتصاص أي حالة غضب شعبي، وحراك متوقع في رمضان".
بدوره تعهد رئيس الوزراء عمر الرزاز اليوم الخميس، أن "المواطن سيلمس انخفاض الأسعار خلال شهر رمضان، معلنا تخفيض أسعار 81 سلعة استهلاكية".
يقول الناطق باسم حراك وطن، جمال جيت، إن "ناشطين اجتمعوا لوضع برنامج من الفعاليات الاحتجاجية في شهر رمضان، سيعلن عنها قريبا"، معتبرا أن "الإجراءات الحكومية الأخيرة تدل على أن الحكومة تخشى من حراك في شهر رمضان".
ويرى جيت أن الحراك الأردني انتقل ما بعد حكومة الملقي من مطالب اقتصادية إلى مطالب إصلاحية، وبات المحتجون يتحدثون عن تعديلات دستورية وضبط نفقات الحكومة، وعدم التغول على السلطة التشريعية، إذ لم تكن هذه المواضيع هي المحرك الأساسي لخروج الناس في الشارع في رمضان الماضي.
بينما ترى الكاتبة والمحللة السياسية لميس اندوني، أن الظروف المعيشية والقلق الشعبي مهيأة لانطلاق حراك في أي وقت، لكن رمضان المقبل يختلف عن رمضان الماضي، إذ جمع رفض قانون الضريبة الناس وكان هنالك أمل في التغيير، أما الآن فالناس يتخوفون من أن تغيير الحكومة قد يأتي بالأسوأ".
وحسب الكاتبة: "لم يعد الحراك على الدوار الرابع (مقر الحكومة) يستطيع استقطاب الناس؛ بسبب خطاب البعض غير المتفق عليه، إلى جانب الإحباط واليأس، والتشديد الأمني، ووجود تحديات خارجية تتمثل بصفقة القرن تطلب وحدة الموقف الداخلي".
ويرتبط شهر رمضان في أذهان الأردنيين باحتجاجات كبيرة اندلعت في يونيو/ حزيران 2018، أمام مقر الحكومة، وفي المحافظات، تمكنت من إسقاط حكومة رئيس الوزراء السابق هاني الملقي، وصعود نجم رئيس الوزراء الحالي عمر الرزاز، الذي وعد الأردنيين بـ"مشروع نهضة" على الصعيد الاقتصادي والسياسي.
فهل الأجواء التي سبقت إسقاط حكومة الملقي مشابهة للأجواء الحالية؟ حسب الكاتب والمحلل السياسي، عمر كلاب، "الأجواء دائما مواتية لاندلاع حراك احتجاجي".
ويقول كلاب: "الظروف مهيأة في كل الأوقات لحدوث ذلك؛ بسبب حالة الاحتقان الشعبي الذي ينعكس على الواقع السياسي والاجتماعي في الأردن على شكل حراك أو اعتصامات؛ نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية والبيئة السياسية الحاضنة.
إلى جانب أن القيادات السياسية والوزراء في البلاد غير مؤهلين وليس لديها فكرة أو مشروع أو نمط من التفكير الإيجابي التي تحيي الأمل لدى جموع الأردنيين، هناك انتكاسة أيضا في أداء المعارضة والنقابات المهنية، وصلنا في الأردن لحالة انسداد سياسي".
وحول قرارات الحكومة الأخيرة، التي يصفها كُلاب بـ"الحلول الساذجة"، يقول: "قرار الحكومة لا يلزم البنوك بتأجيل أقساطها، وتأجيل قطع المياه والكهرباء في رمضان على غير المسددين لا يحل مشكلة، فماذا بعد رمضان المواطن يريد سداد هذه الفواتير بيسر وسهولة وأمان، هذه العقلية السطحية والساذجة تسعى إلى شراء الوقت وإبر تخدير".
الناشط في حراك ذيبان (مدينة مأدبا)، محمد السنيد، يرى أن "الظروف السياسية والاقتصادية مشابهة لـ"هبة نيسان" (مظاهرات غاضبة شهدها الأردن في 15 نيسان / أبريل 1989)، كون الأوضاع الاقتصادية سيئة، والتخبط السياسي واضح في معظم الملفات الداخلية" على حد قوله.
يصف السنيد في حديث ، ما تقوم به الحكومة من إجراءات "محاولة للتخدير وترحيل الأزمات للحكومات القادمة"، ويقول: "الأجواء مهيأة لحراك اقتصادي سياسي، فالأوضاع الاقتصادية متجهة نحو الأسوأ".
ويبين أن "اللجنة الوطنية لحراك الرابع تبلور الآن شكل حراك سياسي، اقتصادي، اجتماعي، بسبب غياب خطط للحكومة، وتفاق الأزمة تحت الرماد، فكل المؤشرات تدل على تراجع الوضع الاقتصادي من ارتفاع البطالة، وضعف القدرة الشرائية، وتآكل الرواتب".
الأردنيون حسب نشطاء في الحراك يطالبون النظام في الأردن، بشكل متكرر بالتخلي عن نهج صندوق النقد الدولي والبدء بإصلاحات سياسية حقيقية، ووضع خارطة طريقة للإصلاح السياسي، تكون محددة في إطار زمني تضمن المشاركة الشعبية الواسعة والفاعلة، وضمان الفصل بين السلطات، ومحاربة الفساد والتوقف عن سياسة الاقتراض ورفض الرسوم والضرائب.عربي21