في تاريخنا العربي من المتناقضات ما يثري تاريخ العالم نتخذ الموقف ثم نمارس عكسه جاهزين لتبديل الموقع فور تغير واضطراب المصالح. نسوق بعض الأمثال التاريخية للاستدلال منها على حاضر بائس ومستقبل كالح!!!
أحد الشعراء اسبغ مديحه على كافور الإخشيدي حيث وصفه بأنه \" كالثلج بياضا\" ثم عندما توقفت العطايا اكتشف هذا الشاعر أن هذا الكافور ليس إلا عبدا اسودا \" رأسه كأنه زبيبة \" وصاغ فيه قصيدة شعرية عصماء قلبته من ابيض إلي اسود \" لا تشتري العبد إلا والعصا معه --- إن العبيد لأنجاس منا كيد) عندها أبان تاريخ العربان المزور أن هذا الكافور هو اسود!!! ا لدينا من المدح الكاذب وفرة نوزع منه على أدب العالم \" ألستم خير من ركب المطايا و أندى العالمين بطون راح \" \" ملئنا البحر حتى ضاق عنا وماء البحر نملأه سفينا \" وحتى ألان لم نعرف أين هذا البحر في جزيرة العرب وما هو نوع السفن وأعدادها اللهم إلا إذا كان المقصود بها سفن الصحراء \"البعارين\" حتى العرب كانت لديهم قناعة بان الشعر هو مجموعة منسقة من الأكاذيب, مثلا عندما مدح شاعرا خليفة أموي اجزل هذا الخليفة له العطاء وكان ذلك بحضور خازن بيت المال ولدى مطالبة الشاعر الخازن بالمبلغ رد عليه الخازن بان الخليفة لم يأمر بشيء فرجع الشاعر للخليفة بالشكوى من تصرف الخازن فأجابه الخليفة بقوله \"كذبت علينا فكذبنا عليك!!!
نورد هذه الأمثلة فقط للتشبيه بين حالة من وصفناه في يوم ما بالزين وكيف في يوم \"ذي مسغبة\" نعتناه بالشين!!! شيوخنا الأفاضل وحتى كتابنا المحترمين بدوا بإبراز مثالب النظام التونسي وهم الذي كانوا قبل أسابيع يتغزلون بديموقراطية وحداثة وعدالة نظام الزين !! من الذي عقد مؤتمرات دينية وسياسية واجتماعية واقتصادية وجلس على موائد الطعام برعاية الزين !!! أحد ما نسميهم بالعلماء والذي أدان نظام الزين وكان اكثر الجالسين على موائده وصف رئيسا \"( مازلنا بانتظار رد هذا الرئيس على تفتيش طائرة ركاب لبلده من قبل إسرائيل منذ اكثر من عشر سنوات لأنه سيختار المكان والزمان المناسبين للرد وحتى ألان لا أحد يعرف ذاك المكان ولا تاريخ الزمان) وصف هذا العلامة ذاك الرئيس بنعوت حتى كدنا نظن من شدة مدحه له انه يتحدث عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه. \"الأعراب اشد كفرا ونفاقا\" صدق الله العظيم
الزين حكم تونس اكثر من 20 عاما فلماذا لم يسمع صوت واحدة من كل هذا الكم من أصوات العلماء والكتاب يدلون بانتقاد واحد للزين. هل كان افضل قبل اشهر أو أسابيع!!! طالما لا يؤذن للصلاة فكيف كان علمائنا يصلون في حضرة الزين !!! نحن لا يعنينا نفاق الأفراد ولكن أن يكون هذا النفاق من علماء يصفون أنفسهم بأنهم \" ورثة الأنبياء\" وحاشا لله ذلك لان الأنبياء منزهين عن توريث منافقين!! البعض يعتقد بل يؤمن أن أحد أهم مصادر الدخل المجدية هو \"النفاق\" . والملاحظ أن مشاكل العالم العربي \"إن بقي للتسمية معنى\" تبرر بجرعة من النفاق وتنتهي وأمثلتنا الإفريقية تؤكد ذلك : ضاع نصف السودان ولكن المهم أن لا يضيع الكرسي !!!دفعنا عشرات المليارات لنزوة صبيانية في \"لوكر بي\" لكن المهم أن الثورة الجماهيرية مستمرة !! بالاتجاه نحو الغرب صافحنا الصهاينة وقلنا \" وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها\" وباريت نطقناها بلسان عربي مبين !! نوغل في الغرب قليلا فنكتشف أننا كنا نتزوج عندما دحرج الاسبان أبناء طارق بن زياد من فوق صخور جزيرة ليلى والقوهم في البحر!! هو حد فاضي\" يكفينا مثلا واحدا من الشرق العربي فقد ذهبنا لتحرير فلسطين لكن بوصلة الاتجاه \"توهتنا\" حتى غزونا اخوتنا في الكويت\" وظننا أننا حررنا فلسطين فالبوصلة ليست من صناعتنا !! البوصلة أعطيت لنا واكتشفنا أنها مؤامرة ونسينا \" أن المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه\" رقصنا فرحا وابتهجنا بهزائمنا !! . طالما أننا نبتهج بالهزائم ونفرح لها فماذا عسانا فاعلين لو انتصرنا مرة واحدة !! لان النصر يحزننا فلن نجربه ولو لمرة واحدة حتى لا ينقص من فرحتنا!!! من لديه الجواب!!! ماذا بقي !! لا نزيد !! فالبقية لديكم وعافاكم الله من كل الشرور والآثام!!!
عقيد سابق دكتور خضر الصيفي
Khader.saifi@yahoo.com