كتب تحسين التل:- ذكرت في كتابي: ما يخطر في البال عن أهل الشمال؛ أن مشيخة إربد وما حولها من قرى وتجمعات سكانية؛ كانت مقتصرة على عدد من أبناء العشائر التي سكنت قرية اربد خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر، وتحديداً في العام (1757) م، وكانت مشيخة المرحوم صالح كريزم على قرية إربد التي كان عدد سكانها في ذلك الوقت حوالي سبعمائة نسمة، وارتفع العدد في السنوات التالية الى أقل من (2500) نسمة، ويعود سبب قلة عدد السكان الى التقسيمات الإدارية للدولة العثمانية إبانئذٍ، حيث كانت إربد تتبع سنجق عجلون التابع لولاية الشام، وباعتبار أن عجلون هي المدينة الأكبر في منطقة الشمال، كانت أغلب المؤسسات الحكومية تتركز فيها من الناحية الأمنية، والبلدية، والعسكرية، والسياسية.
بدأت الأنظار تتجه نحو قرية إربد في نهاية القرن الثامن عشر، عندما أنشأت الدولة العثمانية بجهود أبناء القرية أول بلدية تهتم بالشأن البيئي، والصحي، والأمني، وأنيطت مهمة توزيع المياه للمجلس البلدي الذي عمل على تمديد خطوط مياه لمنازل القرية، وتجهيز خزان كبير يقع في المنطقة الجنوبية أسفل مستنبت إربد يروي عطش السكان.
ومما جاء في كتابي المعنون: ما يخطر في البال عن أهل الشمال، ما يأتي من معلومات:
الكرازمة، ومفردها كريزم، هي من العائلات التي سكنت اربد قديماً في القرن السابع عشر للميلاد؛ إبان حكم الدولة العثمانية، شيخهم الأكبر هو: صالح بن ابراهيم الكريزم، وكان شيخاً لقرية إربد عام (1757) م، وأحد رجالاتها، ثم تلاه الشيخ أبو بكر بن صالح كريزم، وكان هو وجماعه من مشايخ، وزعامات ناحية اربد يقومون بتزويد قوافل الحج الشامي بالأبل مقابل أجور وأتعاب محددة.
يُعد الشيخ ابو بكر بن صالح كريزم؛ الجد الأكبر لآل كريزم، وكان شيخ اربد في تلك السنة، يرجع الفضل إليه في تنظيم الحركة التعليمية والدينية، وإنشاء بعض دور الكتاب لتعليم الصبية الصغار: القراءة، والكتابة، وحفظ القرآن الكريم.
توالت فترات شيختهم لإربد حتى العام (1846) م، وانتهت مع حملة ابراهيم باشا، والحملة المصرية لبلاد الشام، وكان الشيخ أحمد المصلح بن أحمد الكريزم؛ شيخاً لإربد، وتلاه بالشيخة شقيقه الشيخ علي المصلح بن أحمد كريزم وأنتهت مشيخته عام (1846)م.
نبذة عن عشيرة الكريزم في إربد من مصدر آخر زودني به عدد من أبناء العشيرة، منهم الأستاذ عصام كريزم، والأستاذ المحامي فارس كريزم:
تُعد عشيرة كريزم من أقدم العشائر التي سكنت قرية إربد، تنحدر أصولها من جذام القحطانية اليمانية، وجذام هو: عمرو بن عدي الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ، والكرازمة هم عرب أقحاح كانت منازلهم في الجاهلية؛ شمال الجزيرة العربية، وأبرزها: مدين، وحسمي، وتبوك، وحقل العقبة، وانتشرت بعد الفتح الإسلامي في مصر وبلاد الشام، ومنهم قبيلة بني عقبة، وبني عطية في الحجاز، والعجارمة، وبني حميدة، وآل خطاب في الأردن، وآل الحج حمد في فلسطين.
تؤكد الوثائق أن الكرازمة يعودون في النسب الى المساردة الى الدغيم الى الغبين الى الطوقة من قبيلة بني صخر...
كتاب معجم عشائر بني صخر من الألف الى الياء للباحث: فارس هايل الصخري.
تولت عشيرة كريزم مشيخة إربد ما بين أعوام (1766 – 1850) م من خلال السجلات الشرعية في دمشق أيام الحكم العثماني.
وثيقة ثانية صادرة من سجلات دمشق الشرعية عام (1750) م تؤكد على أن مشايخ إربد وبني عبيد، والحصن، وكفريوبا، والبارحة كانت للتالية أسماؤهم:
الشيخ أبو بكر بن صالح كريزم - شيخ قرية إربد.
الشيخ موسى بن حمد (الخصاونة) - شيخ بني عبيد.
الشيخ ابراهيم بن مصطفى نصير (النصيرات) - شيخ الحصن.
الشيخ عبد الله بن عيسى البطين (شيخ عموم البطاينة) - شيخ كفريوبا.
الشيخ صبح حمدان (الصباحين) - شيخ البارحة.
شارك الشيخ مصلح بن أبي بكر كريزم في معركة طابور ضد القوات الفرنسية، وكان بمعية الشيخ رباع الشريدة شيخ مشايخ الكورة، والشيخ موسى الحمد الخصاونة... تاريخ شرق الأردن وقبائلها، ص (178).
الشيخ أحمد بن مصلح بن أبي بكر بن صالح كريزم:
كان شيخاً لقرية إربد وفق الوثائق المصرية عام (1839) م خلفاً لوالده الشيخ مصلح كريزم، ... المحفوظات الملكية محفظة رقم: (258)، وثيقة رقم (12)، رسالة رقم (9)، تاريخ: (12- 8- 1839).
تشير إحدى الوثائق الى أن شيوخ إربد وما حولها من قرى رفعوا مذكرة تظلم الى الوالي المصري شريف باشا عام (1839) وتحمل تواقيع الشيوخ التالية أسماؤهم:
الشيخ مصطفى الشريدة - شيخ الكورة.
الشيخ عبد الرحمن الشريدة - شيخ تبنة.
الشيخ أحمد المصلح كريزم - شيخ إربد.
الشيخ بركات الأحمد فريحات- شيخ الجبل والمعراض.
إلا أن الوالي المصري رفض الإنصياع لمطالبهم، فقامت ثورة بين الأهالي أدت الى نهب سرايا تل إربد الكبير، وتحصنوا في تبنة، فهاجمهم الوالي شريف باشا واقتحم تبنة بالقوة ودمرها ونهبها واتخذها مقراً لعسكره، لكن لم تمضِ أشهر قليلة حتى انسحب الجيش المصري من المنطقة كلها عام (1840) م.
آخر شيوخ آل كريزم كان الشيخ علي بن مصلح بن أبي بكر كريزم، وهو شقيق الشيخ أحمد بن مصلح، تزعم مشيخة إربد لمدة عشر سنوات من عام (1840 – 1850)، وكان له بيت آخر خارج قرية إربد دُفن فيه ويقع في قرية صما.
تراجع دور عشيرة الكريزم بعد وفاة آخر شيوخها عام (1850) ولغاية عهد الإمارة والمملكة، بعد زيادة عدد سكان مدينة إربد، وظهور عشائر أصبح لها دور كبير في المدينة على المستوى الاجتماعي والبلدي، والسياسي والبرلماني... الخ.
عمل الشيخ حسين بن علي كريزم على إعادة الحياة الى العشيرة بعد وفاة والده الشيخ علي في صما ودفن فيها، فاتجه الى إربد ورمم المضافة التي شيدت عام (1760) م، أما مضافة الشيخ علي فقد تم تشييدها عام (1850) في قرية صما وكان يستخدمها جزء من بيته لاستقبال الضيوف كعادة أبناء الوطن.
رحم الله شيوخ وأكابر هذه العائلة المحترمة التي حفرت تاريخ العشيرة في الشمال بأحرف من نور، وأسكنهم الفردوس الأعلى، ومتع من بقي منهم بالصحة والعافية...
الشكر الجزيل لكل من ساعدني في هذا البحث، وأخص كل من الشيخ (محمد طاهر) حسين كريزم، والأستاذ عصام كريزم، والأستاذ المحامي فارس كريزم، والأستاذ حسين كريزم.