عندما كنا صغارا كانت ملابسنا تتعرض كثيرا للتمزق والتفسخ ، وهو ما كنا نطلق عليه \" مزع أو فرط \" ، أكثر مكانين حساسين كانا من ناحية \" الركب \" ومن ناحية (...) نتيجة حركة لا إرادية للجلوس السريع . الأمر الذي يدفع أمهاتنا إلى خياطة ورثي ذلك التمزق .
ولكون الوالدة لا تملك في جميع الأوقات ، خيوطا من نفس الألوان ، لذا فهي تبادر إلى خياطته بالخيط واللون الموجود لديها في حينه . وما زلت اذكر عندما تطلب مني أن احضر لها \" الكرارة \" فأحضرها دون أن اسألها \" شو اللون \" كوننا لم نعتاد إلا على لون واحد هو اللون الموجود . لذا فالأمر طبيعي إن تم خياطة ورثي البنطال الأسود بخيط أحمر أو اخضر أو حتى ازرق .
صديقي \"عبدو \" كان صاحب الرقم القياسي في عدد \" الفرطات \" في ملابسه ، وصاحب الرقم القياسي أيضا بعدد الألوان التي تم رثي ملابسه بها ، قد تظنه لوهله لوحة تراجيدية لفان كوخ أو لبيكاسو مثلا .
مع الأحداث التي جرت وغيرها التي تجري وستجري ، مع التطورات في المواقف وكل تلك الانتقادات التي تعرضت لها حكومتنا ، وحتى مسالة بقائها إلى الآن وفي ظل الدعوات المتكررة والمنادية إلى إقالتها وحجب الثقة عنها والمطالبة باستقالتها ، المشهد لا يختلف عن مشهد ملابسنا الممزقة والتي تم رثيها بخيوط ملونة .
فانا أرى خيوطا حمراء وزرقاء وصفراء ، وبرتقالية في هذا الجسد الحكومي ذكرتني بما مضى ودفعتني إلى بسط ذكرياتي .
المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com