أن القضيـة التي نشير إليها هنا ليست قضية تربوية فقط دائماً هي أيضا قضية دينية وقومية ولغوية وثقافية قضية لغة رصينة في غربة ، لغة تهاجم في عقر دارها .
فالمشكلة ليست في اللغة العربيـة ،وإنما نحن فينا أنفسنا ، في مدارسـنا وفي بيوتنا وفي جامعاتنا وفي كافة مؤســساتنا التعليمية وأجهزتنا .
كلنا يعرف أن اللغة العربيةهي اللغة الفصيحة هي ما تكلم بها رسولنا الكريم والصحابة رضوان الله عليهم ، بل تحدثت بها بطون قريش اللذين عرفوا ب فصاحتهم وقدراتهم اللغوية العالية كما أنها لغة سيدنا آدم الذي وجد من بعده البشر .
في معرض هذا الحديث رحم الله ابا القاسم محمود بن عمر الزمخشري المتوفي سنة 538هـ اذ كان متعصباً للغة العربية ، ويؤثر عنه انه قال : "الحمد لله الذي جعلني من علماء العربية وجبلني على الغضب للعربية.
ظلت اللغة العربية لغة غنية وناضجة ومكتملة في بنائها وأصولها منذ العصر الجاهلي ،وأنه قد سُجِل بها شعر راقٍ منذ الجاهلية ، فهي بذلك لغة عظيمة بذاتها وببداياتها لغة قال عنها الفاروق "عمر بن الخطاب " "تعلموا العربيـة فإنها من دينكم " .
ما نود إثارته عبر هذه الســطور أن هناك إهمالاً واضحاً مقصود وغير مقصود بحق لغتنا العربية تمارسـه أجهزتنا التعليمية والعلمية بدءاً من مدارســنا وجامعاتنا في طرق التدريس المتبعة .
أتــساءل كيف يجرؤ المعلم على دخول قاعات الدرس دون أن يتفوه بكلمة واحدة فصيحة!؟ أو يتفوه بمفردةٍ من مفردات اللغة العربية بشكل سليم ،ومراعياً فيها القواعد النحوية واللغويــة .
أليس هذا خطأ في موقف تعليـمي ،...بل إنه عصفٌ بحق الأجيال التي بين يديه ...،وإجحافٌ بحق اللغة العربية والتي هي أمانة نفيسة في أعناقنا وأعماقنا .
هذا واقعٌ تعليـميٌ نشهده عن كثب .. إن استخدام مثل هذه الأساليب غير المبنية على اسـس لغوية ونحوية صحيحة مع طلابنا هي احد الاسباب في ضعف اللغة ،والتي قد تؤدي الى ضياعها وفنائها ...،لذا من الضروري مراجعة طرق التدريس المتبعة في مدارسنا على اسس علمية صحيحة.
والبدء بتدريســها منذ المراحل الاساسية لايجاد جيل يعرف لغته العربية حق المعرفة ....،ولديه القدرة بالمحافظة عليها ،ونقلها الى الأجيال الأخرى كي لا تفنى وتحل محلها لغات غريبة عنا .
هذا غيض من فيض وليت الامر ينتهي عند هذا الحد بل يتعداه حين نسمع أمثلة ونرى شـواهد على معلمي دروس اللغة العربية يخطئون ليس في النحو والصرف وبناء الجملة فحسب بل وايضا في الاملاء ،فهذا مدعاة للاسى والاسف ...،فكيف بحال طلبتنا الذين ينهلون العلم على ايدي هؤلاء الاساتذة من " المعلمين "
بكل أسـف لمست مدى الضعف اللغوي الذي يسري في لغة بعض المعلمين.
ومواقف تربوية حافلة بالاخطاء والكلمات غير المناسبة المعزولة عن بعضها بحاجز الجهل اللغوي والتعبيرات التي تخل بالمعنى.
فهذه الاخطاء المتراكمة في مدارسنا ومؤسساتنا أفرزت جيل يتحدث العربية بطريقة مشــّوهة قلبت فيها الأحرف ،وأعوجت بها الألســن ، حتى خرجنا بمصطلحات ليس لها وجود في معاجم اللغة العربية كاملة .
في ظل هذا الخبط اللغوي ، سيظل الطلبة في ركن معتم بسبب قصور معلميهم عن توعيتهم بأهمية التحدث والكتابة بالعربية الفصيحة ، فينهون المراحل الدراسية وهم غير قادرين على كتابة سطر واحد صحيح باللغة العربية في الوقت الذي يتقن فيه بعضهم الكتابة بغيرها من اللغات الأجنبية ، أدباً كان أم علماً !
ليت معلمينا يدركون أهمية مخاطبة تلاميذهم في قاعات الدرس باللغة العربية الفصيحة فهي لغة يسيرة لا يراد بها التوعر كما ان اللهجة العامية غير قادرة اطلاقا على تكوين الطالب المبدع ...،وان دخول اللهجات العامية في حديثنا اليومي هو الذي اضعف استخدام اللغة العربية الفصحى التي ظلت مختزنة في بطون الكتب وفي المحافل الرسمـية فقط .
، كما ونشاهد حالات من هذا القبيل الكتابة بالعامية واللغة المحكية متعذرين بحجة ان الهدف من اللغة هو التعبير عن أغراضهم وحاجاتهم فقط ،ونتيجة لما سبق فأن الشباب الذين هم امل الامة صار غير معني باللغة العربية ،فاتجه الى مزج لغته العربية بالالفاظ الاجنبية معتقدا بأن في ذلك تزيين للغته العربيه وهو لا يعي بأنه أصبح عاجزا عن استعمال لغته ، فانتشرت لغة الخلوي " المسجات " ولغة " الشــات " بين شبابنا .
من هنا على شـباب الامة بالاخص الذين يمثلون ادامتها وعزتها وقوتها دور كبير للبدء في انعاش العربية ولا ســيما ان هناك توجه عالمي شرس ومنظم للقضاء على لغتنا ...، بحجة الظن انها قاصرة عن ملاحقة التقدم العلمي وعاجزة عن استعياب معطيات العصر ،
رفقـاً بلغتنا العربية التي تواجه مخاطر كثيرة في ظل العولمة وانفتاح العالم على بعضه ، وسيطرة قوى سياسية وأقتصادية عالمية دون أخرى مما يسر اندماج الشعوب وتمازجها وخاصة فئة الشباب المعنية بالانخراط ومواكبة المستجدات ، لأنها فئة لها إهتماماتها بكل متطلبات العصر من الحوار والعمل والإبداع والانطـلاق نحو المستقبل بثبات.
اعـزائي في نهايـة هذا المطاف ان لغتنا العربيـة هي لغة كتاب سماوي ولا يصح اطلاقا ان تكون عقولنا عربية ولساننا اجنبيا ،وشيء جميل ومذهل ان ننتصر للغتنا وتننصر بنا ، فاللغة هي الإنسان الناطق بها وبالتالي فالعربية " هي نحن " " ونحن هي " فلا يمكن ان نتقدم ونحن نقصر بحق لغتنا.
آمل البدء بحملة وطنية تهتم باللغة العربية الفصحى من خلال وسائل الاعلام كافة ، ، لتعيش العربية معيشة القدرة والكفاءة في عصر الاجهزة العلمية والعولمة ولتصبح لغة حياة يومية تنمو بانسيابية في نفوسـنا جميعا .
بقلم : منال القطاونـه
manal_qatawneh@yahoo.com