تعتبر الانفلونزا من أكثر الأمراض شيوعاً خاصة في مثل هذه الأيام من فصل الشتاء، وتتسم الانفلونزا بسرعة إنتقال عدواها بين الناس من خلال النَّفَس أو العطاس أو... التقبيل، كما أن علاجها لا يتعدى أخذ جرعات محددة من المضادات الحيوية والمسكنات وخافضات الحرارة أو اتباع علاجات طبيعية كالثوم وزيت الريتون والليمون .. الخ. وفي كل الأحوال فالانفلونزا من الأمراض التي من الممكن السيطرة عليها، إلا أن العالم تفاجأ في الأعوام الأخيرة بظهور أنواع جديدة من الإنفلونزا أتت للإنسان من الحيوانات من مثل "انفلونزا الطيور" التي أحدثت ضجة عالمية حينها وأدت فيما أدت إليه من انخفاض في أسعار الدواجن وارتفاع جنوني لأسعار اللحوم، وعقدت المؤتمرات العالمية واستدعي الخبراء والعلماء لعلاج هذا المرض القاتل، واستطاعت هذه المؤتمرات تخليصنا من هذا المرض .. وعادت أسعار الدواجن للارتفاع .. ولم تعد أسعار اللحوم للهبوط!!
وما لبثت البشرية أن تتخلص من آثار انفلونزا الطيور حتى جاءت الخنازير بإنفلونزا خاصة بها انتقلت إلى البشرية بسرعة جنونية، وما إن سُجّلت أول حالة وفاة بسبب الخنازير وانفلونزتها حتى جُنّ جنون البشرية ، فعاد العلماء للاجتماع وصرفت الدول الملايين وحققت شركات الأدوية أرباحاً بالمليارات ليُعلن بعدها أن الخنازير كالبشر في إنفلونزتها وبالتالي لا يوجد ما يدعو للتهويل والتضخيم بعد أن ربحت شركات الأدوية الملايين!!
حالياً تغزو المنطقة العربية إنفلونزا من نوع غريب لم تعتد عليه أنظمتنا وحكوماتنا، إنفلونزا يبدو أنها ستدفع جامعة الدول العربية لعقد مؤتمر قمة طارىء للتباحث في كيفية علاج هذا المرض الذي استشرى في أمتنا العربية وانتقلت عدواه بشكل جنوني بين أبنائها، انفلونزا لا ينفع معها أي نوع من المسكنات -كما في الانفلونزا العادية-، انفلونزا لم تأتي لنا من طيور "الصين العظيم" أو "خنازير أمريكا" وحلفائها الاستراتيجيين، انفلونزا لم تعد تصلح معها سياسة "العصا والجزرة"، فالجزرة لم تعد تُشبع والعصا لم تعد تُؤلم.
أعتقد أن الرؤساء العرب مهما عقدوا من مؤتمرات طارئة فلن يخرجوا إلا باستخلاص واحد أوحد : "انفلونزا تونس" لاعلاج لها إلا في السعودية من خلال افتتاح المزيد والمزيد من بيوت الضيافة .. والحدق يفهم.
هذا المقال تحية لشعب مصر العروبة
فاخر دعاس 26/1/2011