تعود السياسة المالية لتثبت أنها المحرك الأساسي للاقتصاد ، وهي تعتبر في
هذه الفترة العامل الأبرز في تحفيز الاستثمار الأجنبي والاستهلاك المحلي
على حد السواء ، خاصة في ظل العجز الواضح الذي تبديه السياسة النقدية أو
عبر محاولتها \" لتطنيش \" الحالة أوالوضع الاقتصادي العام للاقتصاد ، لأن
الاهتمامات الربحية لأصحاب المصالح والمساهمين يفوق المسؤولية الاجتماعية
التي يجب أن تتحملها ، وهذا الأداء الباهت لها انعكس على محصلة أداء
السياسة النقدية كونها الوسيلة الأبرز فيها .
السياسة المالية في عهد الوزير الحالي تثبت قوة شخصيتها الاقتصادية ، لما
لا وهي المرتبطة بقوة الشخصية للوزير المحترم المشرف عليها ، وهي ليست أول
مرة يكون فيها كذلك ، فمن خلال مراجعة الفترة السابقة التي تولى في المنصب
ذاته ، كانت السياسة المالية صاحبة الولاية الاقتصادية على كثير من
المنجزات التي تحققت في تلك الفترة ، وكان لها دور كبير في مكافحة الفقر
والبطالة عبر مظلة الأمان الاجتماعي للفقراء وأصحاب الدخل المعدود .
السياسة المالية في هذه الفترة نظراً لخصوصية المرحلة تحمل في طياتها
عناوين بارزة عبر سلسلة الإصلاحات والإعفاءات الضريبية التي قامت بها
الوزارة خلال الفترة القليلة الماضية ، فهي تنظر إلى تشجيع أو تحفيز
الاستهلاك الخاص عبر استراتيجية دفع الطلب ، على أنه المحرك للإنتاج الذي
سيرتبط لاحقاً بنمو الاستثمار بشقيه المحلي والأجنبي ، حتى لو كان ذلك على
حساب نسبة قليلة من الإيرادات المالية التي قد تخسرها الخزينة العامة بفعل
هذه الإعفاءات ، ولكن المحصلة النهائية والأثر المالي النهائي سيكون
إيجابي بكل المقاييس.
إن العنوان مناسب جداً في هذه المرحلة رغم كبر حجم المسؤولية الملقاة على
عاتقها ولكونها ليست السياسية السياسة الاقتصادية الوحيدة ، لذلك يجب أن
ننظر كاقتصاديين إلى تعظيم المكاسب المستقبلية على المديين المتوسط
والطويل ، و لربما تكون النتائج سريعة حسب مرونة الطلب وينتج عنه آثار
مالية إيجابية على الخزينة خلال المدى القصير أي في العام الحالي.
الوزير الحالي صاحب فكر اقتصادي منظم ومدروس ، وهو من الشخصيات الرسمية
والاقتصادية والشعبية الأردنية التي نعتز ونفخر بها ، لذلك يجب أن ننظر
إلى قراراته بنوع من التفاؤل ، وأن لا نحاسبه على أخطاء غيره ، لأن
المرحلة الحالية هي مرحلة جني النتائج التي ولدتها السياسات الاقتصادية
السابقة ، وهي بالتالي ليست مسؤولة عن الأسباب التي أدت إلى ذلك .
الدكتور إياد عبد الفتاح النسور
جامعة الخرج
Nsour_2005@yahoo.com