لم يعد خافيا\" على كل من هم
مهتمون بالشأن العام ، وحتى المواطن العادي ، بات يدرك تلك الهجمة وذلك
القتل المتعمد للكفاءات من الموظفين العاملين في القطاع العام ، حتى أصبح
الأمر مقلقا\"و ملفتا\" للنظر بل تعدى ذلك ويجب الوقوف عنده مطولا\" لأن
في ذلك هدر لواحدة من أهم مقومات عجلة التنمية والتقدم في الوطن وهي
المتمثلة بالعنصر البشري .. الإنسان .. والذي هو أساس التقدم والرقي وهو
المحرك الحقيقي لعجلة الإنتاج التي ننشدها جميعا\" ونرفع لها الشعارات
البراقة واليافطات الزاهية ونملا بها الساحات والميادين وعلى صفحات الصحف
وفي الندوات والمؤتمرات وورش الخمسة نجوم
في بلدنا : بتنا نتميز عن غيرنا بكثرة التغيرات ، بل أصبحت عرف أردني وذلك
لكثرة تبدل الحكومات فمنذ استقلال الأردن اقسم أمام صاحب العرش ثمان
وثلاثون رئيس وزراء وبحسبة بسيطة فهناك وزارة كل عامين ونصف العام
وبالتالي ففي كل تغيير يحدث ، تماما\" كالزلزال فكما هو معروف فلكل زلزال
باقة من التوابع وهي خضات تكون بالطبع اقل درجة أو درجات حسب مقياس ريختر
فمع كل حكومة تتغير يلحقها تغيرات في المواقع القيادية في المؤسسات
التابعة للحكومة او مؤسسات ما يعرف بالقطاع العام ،أمناء عامين محافظون
مدراء عامين الى آخر السلم الوظيفي وهكذا والكل يغير ويبدل بحسب الرغبة
والمزاج وأحيانا\" الانتقام ولا ننسى صلات القربى والنسب ، وعوامل أخرى
وأجندات لا حصر لها . وفي معظم الأحيان أن لم تكن بالغالب هي تغيرات
عنوانها المصلحة العامة ولكنها بالحقيقة مزاجية وبخاصة التغيرات التي تعقب
التغيير الحكومي أي تلك التي تحدث بالصف الثاني او الثالث او الرابع وإلى
نهاية السلم بعد مجلس الوزراء فكما هو معلوم فتغير الحكومة هو شأن ملكي له
حساباته وظروفه التي يراها صاحب العرش سببا\" بالتغير ولكن ما يهمنا نحن
وما نتحدث عنة هي تلك التغيرات التي تتبع الزلزال الرئيس او تبدل الحكومة
فإذا ما كانت الحكومة لها ما يبرر تغيرها وذلك نظرا\" لظروف ومتطلبات
داخلية وخارجية كما أسلفت يراها صاحب الشأن موجبة وضرورة لتغيير الحكومة .
ولكن ما هي المبررات التي توجب تلك المزاجية والعصبية في إجراء التغير في
الصفوف الأدنى وما هي الحكمة من التخلص من موظفين أكفاء يتم قتلهم
وإعدامهم وظيفيا\" وهم على درجة عالية من الكفاءة والمقدرة وخبرات متراكمة
في فهم عمل دوائرهم وتسيير أعمالها بالشكل المطلوب والصحيح من خلال
الاستغناء عن خدماتهم دون وجه حق أو سبب مقنع إذا كان البديل هو الأسوأ ،
والأقل خبرة وكفاءة . إلا اذا كان السبب خلف ذلك ، هي رغبة ومزاجية هذا
المدير او الأمين العام الجديد في ضل مجلس وزراء لا يوجد لدية أية آلية في
قبول او رفض طلب هذا الوزير او ذاك ، بعد ان جاءت إلية تنسيبات واستشارات
ذلك المدير العام او الأمين العام والذي استل سيف مركزة و مكانته الوظيفية
في عملية تكسير وتهشيش وضعضعة مؤسسته ، وقتل من لا يروق له من هؤلاء ، إما
لأنهم ليسوا ممن هم محسوبين علية او لأنة يريد ان ُيخضع المؤسسة الى قبضته
وعصمته وتحت سيطرته ، ولا يريد من يناقشه او حتى يكشف من وراءه تلك
الأخطاء والموبقات التي يرتكبها بعد ان استعلى سرج تلك المؤسسة فيتم
استبدال تلك الكفاءات بحفنة من الجهلة وعديمي الخبرة وممن لا تسمح لهم
خبرتهم ودرايتهم ولا حتى خدمتهم بالحوار او النقاش وقول ما هو أنجع لتلك
المؤسسة والسبب ان هؤلاء مصابون بعقدة النقص و يرون ان هذا المكان الجديد
هو ليس لهم ولا يستحقون ولكن ببركة وفضل هذا المدير وصلوا الى هذا الموقع
الذي لا يليق بهم من حيث الخبرة وبالتالي فهم سيضلون مدانين إلى من أوصلهم
إليه ما بقي هذا المدير متمرسا\" في تلك المؤسسة وكلنا يعلم ان صاحب الفضل
والمنة لن يناقش في يوم من الأيام وبذلك تقع الفأس بالرأس ويبدأ الاستحواذ
على المؤسسة وإخضاعها بالكامل للسيطرة على طريقة ...( اطعم الفم تستحي
العين ) او ( الأعور بين العميان باشا ) .
من هنا يبدأ الفساد وتدور عجلته ويتماسس في تلك المؤسسة ويحل بها الخراب
والدمار من خلال التراجع الى الخلف بدلا\" من السير الى الأمام موازاة مع
التطور الطبيعي ومواكبة الزمن والاستفادة من خبرة من افنوا فيها حتى باتت
معظم مؤسساتنا ودوائرنا بكل الأسف خالية الوفاض من موظفيها الأكفاء إلا من
رحم ربة وبقي له حياة في الوظيفة حيث لم تصطده صنارة الصياد الجديد
المتمثل بإدارات باتت تطغى عليها صفة الأنا والأنانية وحب الاستحواذ على
حب الوطن والتفاني بخدمته وتعزيز كل ما يمكن في هذا وليس اقلها هو إعطاء
الفرص لمن هم جديرون بها والقادرون على تحمل المسئولية وتقديم الأكفاء على
كل ما سوى حتى لو كانوا من ذوي القربى .
فالوطن هو الأهم وهو صاحب القامة الأعلى وهو الباقي ونحن الذاهبون وهو
البناء والبيت الجامع فحري بنا ان نصدقه القول والعمل وان نحفظ الأمانة
التي طوقت بها أعناقنا يوم أن حملنا العهد ان نصونه ونضعه فوق كل عزيز
وغالي فمن منا يبني بيتا\" ولا يبحث له عن أفضل ما يديم البناء قويا\"
ليضل ويدوم ويتحمل هزات وعثرات الزمن ، فرحمة بهذا الوطن ولا تحرموه ممن
هم الأقدر على خدمته والنهوض بأحماله ...