أدعو في البداية رب العالمين أن لا يحرمنا من نعمة الفضفضة و \" فش الخُلُق \" التي نمارسها عبر الفضاءات التي توفرها لنا بعض القنوات الإخبارية غير الرسمية.
أتابع بمنتهى الضّيق ما تناقلته بعض وسائل الإعلام، عن احتكاكات ومشاحنات يصل لحد الاشتباك بالأيدي، والتطاول على الرسميين المفوضين بإدارة وتنفيذ امتحان الثانوية العامة، والذي يجري منذ أسبوع وسيمتد حتى نهاية الأسبوع المقبل.
ما نُقِل إلينا أنّ شريحة من المواطنين، قد اصبح لديهم عُرفاً أن يدخلوا إلى قاعة الامتحان، لمساعدة قريب لهم، فيعطونه الإجابات مكتوبة. الإصرار الذي يبذله هؤلاء الرعاع للدخول إلى قاعات الامتحانات، يؤكد انطباعًا أنّ هذا الأمر كان في السّابق يتمّ بأريحية ودون مشاكل, فقد أصبح مألوفّا, ولكن هذه المرة لمّا استمات بعض الشرفاء من المشرفين ومدراء القاعات وحتى مدير التربية في إحدى النواحي، لمنع هذه الظاهرة المأسوف عليها، وتأكيد هيبة وجديّة الامتحان، نالهم من الأذى المعنوي والجسدي المرير. مع الإشارة إلى أنّ دور هؤلاء التربويين هو حماية أجواء الامتحان من أي عبث داخلي, أما الغوغاء الخارجية فتقع مسؤلية منعها على الشرطة التي ترابط في الخارج, والتي يجب أن تكون من حيث العدد والاستعداد بالمستوى الذي يفرض ويؤكد الهيبة, أمام مثل هذه الجحافل من أولياء الدم (أولياء الأمور) العبثيين الذين اعتادوا على مثل هذا الفساد, والذي أصبح بالنسبة لبعضهم حقاً مكتسباً !
لكي أستطيع أن أقنع وَلَدي بالاستمرار في أخذ موضوع الثانوية العامة ( التوجيهي ) بمنتهى الجديّة والاستمرار في الاجتهاد والاستعداد, فإنّ لديّ عدداً من الأسئلة البريئة:
أولاً : أين وصل التّحقيق في مثل هذه التّجاوزات، التي حدثت وتمّ ضبطها بالفعل؟ أم إنّ الموضوع سيتمّ تقييده ضد مجهول، أو إغلاقه بفنجان قهوة من جاهة كريمة؟
ثانياً : من يستطيع أن يبدد ما يتسرب الآن في نفوسنا من شك في براءة امتحان الثانوية العامة من أيّ تلويث مشابه في مواقع أخرى لم يغطِها الإعلام؟
ثالثاً : هل سنقف مكتوفي الأيدي ونحن نشاهد امتحان الثانوية العامّة يهوي ويسقط كما سقط عرسنا الديموقراطي من قبل، أم أننا سندافع عنه على اعتبار أنّه إحدى القلاع الأخيرة المتبقية لنا من التّاريخ النزيه؟
رابعاً : إن نحن سكتنا وتغافلنا, فهل نضمن أن لا تخرج علينا نتائج الثانوية العامة بعدد من الأوائل من الطلاب ( المُزَوَّرين ) والذين سيحصلون على نتائج 111% مثلاً ؟
أخيراً, فإنني أدعو جميع المخلصين في هذا البلد, رسميين وغير رسميين, إلى ضرورة الاطلاع المباشر على واقع أجواء الامتحانات والتنبيش عن بقعة التلوث هذه, والاطمئنان أنها بقعة مؤقتة محصورة المساحة, فإن ثبت غير ذلك, أو أن هناك فنونًا أخرى من الجنون، وتخطي رقاب الطلاب والقفز فوق مستقبلهم، وتحطيم هيبة المساواة وتساوي الفرص أمامهم, في هذه الحالة وجب التدخل وسيتحمّل كل من المتعجرف والمقصر أو المتهاون أو الخائف كلّ المسئولية.
حفظ الله وطننا جميعاً للجميع, وأدام الله علينا فيه نعمة العقل والدِّين.