( أ ) حمد منصور الرجال لا يولدون انذالا

كثيرا ما  ابديت اعجابي بهذا الرجل, وكثيرا ما تحدثت عنه كونه عربي امتهن المتعاب من اجل وطنه وامته, كثيرا ما اعتمدنا كتاباته على انها ليست الا اجتهادا من رجل حيادي غيرته على امته حد الافراط, لن ننكر على رجل يوما انه قال كلمة بحق او اتخذ موقفا مشرفا, فلسنا ممن نجحد على الناس مواقفها ان اصابوا بها, ولكن بعدما شاهدت تلك الحلقة المثيرة التي جمعت بين احمد منصور صائب عريقات في برنامج بلا حدود الذي بث على قناة الجزيرة يوم الاربعاء الماضي, تذكرت قولا مأثورا عن حكماء العرب ان الرجال لا يولدون انذالا, بل يُصنعون أنذالا وأغلبيتهم بإختيارهم, نعم إنطبق القول هذا بكل معانيه على احمد منصور بدليل تلك الحلقة وما دار بها, لم نعهد احمد منصور في اي حوار له متصيد متحيز مع فكرة التخريب وتزوير الحقائق, ولعل ما رد عليه  عريقات بقوله لا تكونوا كمن قال ولا تقربوا الصلاة وصمت, واحمد منصور كان موجها في تلك الحلقة ليقول ولا تقربوا الصلاة وليس فقط ان يصمت بل و يُصمت اي احد اخر يريد اكمال الاية, دهشت وانا استمع للاثنين في حوارهما, دهشت من احمد منصور, فلم يكن كما عهدناه دقيقا موضوعيا, حين اخذ يسرد الحقائق من الوثائق ويركز على ترجمة بعض الاقوال التي قد يكون قالها صائب عريقات بالانجليزية, ويرتكز اساسا على الالفاظ بعيدا عن المعاني, ويرتكز على ما قاله الاسرائيليون او الامريكان ضاربا بعرض الحائط ما قاله عريقات نفسه او اي عربي اخر, حين كان يرمي كلمات عريقات المزعومة على انها الموقف الفلسطيني الرسمي كله, حين كان يرمي محاولات لاثارة الخلافات بين السلطة وبين الدول العربية, حين وجدته يقف في وثيقة عدد اوراقها عشرات الصفحات على كلمة او جملة قيلت فيها ويقول : انتم قتلتم الفلسطينيون, انتم لا تريدون اللاجئون, ويفرغ الكلمات من مضمونها ما قبل وما بعد, صعقت واخذت اتلمح ملامح أحمد منصور علني ارى شبيها له او ارى تزويرا في عملية البث, عل الصورة له والحديث لصوت اخر, في تلك اللحظات من احتداد الحوار بين الرجلين كم شعرت ان احمد منصور يستغبيني ويستغفلني, كم تيقنت انه اعتبرني مغفلا جاهلا انتظر من يضع رايه وفكره و وجهة نظره في ثنايا خلايا الدماغ عندي, وجدته يفرض علي ان اصدق كذبه واكذب صدق الاخرين.

ما اثار حفيظتي كثيرا انه احمد منصور حين كان العريقات يهاجمه شخصيا كان يبتسم وينظر لعريقات نظرة الواثق من نفسه, ولكن حين كان عريقات يهاجم او ينتقد الجزيرة كقكرة وتوجها, كان احمد منصور يثور ويغضب ويدافع وتذهب نظرة الواثق من نفسه عن محياه, ونعم يكاد المجرم ان يقول خذوني, لست من المعجبين جدا بصائب عريقات, ولكنني وللامانة وجدت الرجل يتحدث بلغة الواثق من نفسه ومن فكره ومن مواقفه لدرجة انه فتح النار على الجزيرة وعلى من يقف ورائها, غير آبه ولا خائف من احد, خصوصا حين اخبر احمد منصور ان عميل  السي اي ايه الامريكي سويشر قد اجتمع في مكتب مغلق مع وضاح خنفر, قبل اثارة موضوع وثائق المفاوضات هذه, لم ينكر احمد منصور ولم ينفي بل اخذ يقفز عن هذه النقطة ويحاول فتح وثائق اخرى ليسحب عريقات عن موضوع خنفر _ سويشر, كان عريقات في نظراته رجلا وفي حدة صوته واثقا, في كل رد يرد به على اتهامات منصور الباطلة كان يعطي الحروف حقها من مخارجها, كان يعطي المعاني حقها ويترك لنا حرية القرار بالقبول او الرفض وليس كما كان يفعل احمد منصور, يريد اجبارنا على تصديقه وتصديق تلك الوريقات التي بين يديها.

الوثائق و موضوع ويكليكس

لن ابعد كثيرا عن متن تلك الحلقة من بلا حدود, ولكن موضوع الوثائق السرية التي حصلت عليها الجزيرة, وتلك التسريبات المسماة بويكلكس, وادعاء احمد منصور ان هذه الوثائق كانت بحوزتهم منذ العام 2005, ثم يعتد احمد منصور ان الجزيرة تريد اطلاع الراي العام والناس على الحقيقة بدورها الاعلامي الحر النزيه, بعد ست سنوات قررت الجزيرة ان تكون نزيهة, بعد ستة اعوام من وجود التقارير و الوثائق بحيازة قناة الجزيرة آن آوان اظهارها واطلاع العامة عليها, ست سنوات, ستة اعوام,six years  !!!!!!!, وثائق وحقائق وتسريبات كشفت امور كلها تصب في خانة واحدة ان الجميع عملاء وخونة, ولكن متى ظهرت هو الاهم براي, بعدما اعلنت بعض الدول انها سوف تقوم بالاعتراف بدولة فلسطين فور اعلانها من قبل الجانب الفلسطيني, واعلنوا ان امريكا لن تفرض عليهم شيئا وان الحل للقضية الفلسطينية هي بوجود دولة فلسطينية شرعية معترف بها, بعدما تعطلت المفاوضات واعلن الجانب الفلسطيني انسحابه منها وان اسرائيل متعنة وان امريكا داعمة لها ولم تغير شيئا ولم توقف استيطانا, حين اعلنت السلطة الفلسطينية انها تتوجه نحو العالم الحر للتدخل, منذ تلك اللحظة والامور في العالم كله تسير نحو الاسوا, وثائق وحقائق تكشف وتسريبات تعلن, والاهم ان الاجهزة والمنافذ التي تعلن هذه الوثائق وتسربها علنا هي من اشكال قناة الجزيرة, او حتى بقيادتها, الان فقط اعلنت الجزيرة ان اعضاء فتح والسلطة الفلسطينية هم عملاء وخونة, وبناءا على وثائق منذ العام 2005 بحوزتهم, الان حين احتاج المفاوض الفلسطيني الى الدعم الشعبي العالمي بعيدا عن امريكا واسرائيل, الجزيرة تعلن انهم خونة وانهم يريدون بيع فلسطين, الله واكبر يريدون بيع فلسطين وهم يعلنون ان المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي تفشل دائما يا احمد منصور.

 والغريب العجيب ان جميع تلك الوثائق والتسريبات لم نجد فيها ما يتحدث عن دولة قطر او النظام في قطر, لا من بعيد ولا من قريب, الا سبحان ربي انهم اكثر الناس والزعماء والانظمة عدلا وحبا و وقوفا مع الحق, حتى بعد نيلهم تنظيم بطولة كاس العالم لكرة القدم 2022 والتي ستكلفهم المليارات والتريليونات, بعدها وبعد تلك الفخفخة في المظاهر عن دولة قطر, ثارت الشعوب العربية على انظمتها من جوع ومن فقر, ويبقى ان الوثائق قالت ان دولة قطر اكثر دولة على حق وتحب الحق وتعمل من اجل صالح الامة كلها, لنصدق الوثائق اذا ونكذب المليارات التي تنفقها قطر من اجل فرحة في عيني ابن اميرها, وبنفس الوقت تعلن الجزيرة وتركز على ان شعب مصر العربي الحر يعلن رفضه للجوع وانهم يدعمونه, ادعموه يا جزيرة واطلبوا من امير قطر بناء ملاعب كرة قدم للشباب المصري.

اعدتنا في كل قضية نخوضها  او فكرة نحللها او موقف نتخذه, ان نقول من اجل الصالح العام نحكم الامور بخواتيمها, وفي كل حدث او ردة فعل على حدث نسال ونقول: لمصلحة من ما يجري ؟؟؟, من المستفيد من هذا وكله ؟؟؟, وفي كل مرة نرى ان الصهاينة والنظام الامريكي السياسي والاقتصادي هما من يستفيدان من وراء الاحداث او ردود الافعال, نتوقف ونفكر مليا, ونعيد الحسابات الف مرة, كيف اصرخ في وجه اخي ان كان صراخي يفرح الصهيوني, ويريح الامريكي, ثم اتبجح ان الصراخ من حقي وان اخي خائن عميل, العميل يا احمد منصور ليس من ينظم في جهاز السي اي ايه فقط, بل العميل من حين يتحدث ويصرح تكون تائج اعماله واقواله تخدم الموساد والسي اي ايه, وانت لم تولد نذلا ولكنك جعلت من نفسك نذلا.

الى صائب عريقات, اقول لك انت بشر تخطئ وتصيب, ولكن هذا اجتهادا منك وممن معك لخدمة قضيتهم وامتهم بكل شرف وامانة, فامضوا وفقكم الله والزمكم طريق الصواب, ولا تنسى العرب حين قالت والعرب تقول حكما دائما: القافلة تسير والكلاب تنبح.

حازم عواد المجالي

Hazmaj1@gmail.com