د.بلال السكارنه العبادي
بدأت حالة التأثر بنظرية \"الدمينو\"، الخاصة بالتاريخ السياسى للدول، والتى تؤكد سهولة انتقال عدوى الثورات والانقلابات من بلد إلى أخرى مجاورة لها، بالتحرك ما بين بعض الدول العربية وذلك لرفضها وجود بعض الانظمة العربية الحاكمة ، وإذا كانت هذه الانتفاضة أو الثورة ضد الأنظمة التي تجمع بين الديكتاتورية والفساد والانهيار الاقتصادي ، وبفعل تفاقم ما يمكن أن نسميه (منظومة الانفجار الثلاثية ). وهي ( الفقر والقمع والفساد) التي تفشت في العديد من الدول في السنوات الأخيرة ، ونتج عنها العديد من التوترات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية .
بدأت بتونس واخذت تتجه نحو دول اخرى لأسباب إضافية تتعلق بحالة الكبت والانغلاق التام للحريات وغلق الأفواه ، ووجود الكثير من أشكال الفساد والمحسوبية والرشوة التي باتت تنخر كالسوس في مختلف الدول العربية وما يعمق هذه الأزمات لتمتد داخل الأنظمة العربية – كما كشفت الحالة التونسية – هو إن البطالة ليست فقط هي محرك الشارع ، لأنها موجودة في جميع دول العالم، ولكن المشكلة تتمثل في أن العاطلين والنشطاء السياسيين يثيرهم ما سيجعل الكثير من الأنظمة السياسية في المنطقة مهددة وبقوة بسبب التوقعات بتدهور الأوضاع الاقتصادية مع انتشار الفساد ، ورد الحكومات بالقمع والاعتقالات والتعذيب والقتل لكل من يطالب بالإصلاح .
من هذا المنطلق يبدو ان الغضب في الشارع العربي سوف ياتي على بقية الأنظمة العربية السلطوية التي تتجمع فيها ذات المنظومة الثلاثية (الفقر والبطالة – الفساد – القمع الأمني) ، ولكن دون أمل ظاهر في استيعاب هذه الأنظمة لهذه التطورات السلبية بسبب تفشي حالات الفساد وتحولها لبعض الأنظمة وتغلغلها فيها ، وتراكم المشكلات الاقتصادية التي ينتج عنها مظاهر سلبية واحتجاجات تدفع الأنظمة لمعالجتها عبر القمع الأمني .
ولم تعد الإصلاحات، مهما بلغت من العمق والاتساع، تكفي. المسار الذي سلكته بعض الانظمة الحاكمه في الأعوام الماضية، يمكن تلخيصه بترك الأمور على حالها في مجالات السياسات الخارجية والداخلية والاقتصادية. اضافة الى رفض التعامل مع المسائل الحساسة كالصراع العربي – الإسرائيلي وتوزيع الثروة الوطنية، ولذا فانه لا بد من التعامل مع المطالب الشعبية بالايجاب وتحقيق مطالبهم دون استخدام العصا والقمع ورصاص الرشاشات ضد اجساد الابرياء للمحافظة على بعض الانظمة التي اصبحت شعوبها قد اصابها الملل من وجودها .
كانت الشعوب الى وقت قريب مستعدة ، حتى أعوام قليلة خلت، لقبول بعض من إصلاحات سياسية واقتصادية وادارية ترفع مستوى معيشتهم مقابل التنازل عن كثير من حقوقهم السياسية. وخطأ بعض الانظمة القاتل يكمن في اعتقادها إمكان تجاوز حصتها في المقايضة هذه والمضي في حرمان المواطن من حرياته وخبزه، والذهاب، فوق هذا كله، الى انها ما زالت متمسكه بكراسيها دون الاخذ بالاعتبار صيحات وغضب الجماهير الشعبية التي لن تنام الا بتحقيق مطالبها ، وعلى الحكيم ان يتعض مما جرى في تونس ومصر .
رئيس قسم ادارة الاعمال / جامعة الاسراء
bsakarneh@yahoo.com