... كما هي حال البطانات الفاسدة في مصر وتونس التي كانت توحي للحكام بتحسن الأحوال ورضا الناس عن الحكم رغم كل المفاسد والحكم العسكري وتقنين دور المؤسسات الديمقراطية ومحاربة المعارضة ، وكما هي ألان في اليمن والسعودية والجزائر والمغرب ، تحاول تلك البطانة الفاسدة في الأردن أن تلعب نفس الدور الذي لعبته تلك البطانات دون أن تستفيد من التجربة حتى دفعت الأمور إلى ما آلت إليه ، البطانة الفاسدة في الأردن تود المحافظة على مكاسبها وتتحدث عن عدم رضا طبيعي كسابق عهد الناس في الحكومات التي تعمل على إجراء إصلاحات اقتصادية وتفرض من خلالها رفع الأسعار والدعم وفرض المزيد من الضرائب والرسوم فقط ، وتدعي أن الحراك الشعبي في الوقت الحالي لا يتعدى أكثر من زوبعة فنجان غالبا ما تتوقف عند زيادة رواتب الناس وإسكاتهم ببضعة قروش !! وهذا ما لم يحصل رغم الزيادة المتواضعة لرواتب العاملين في الدولة وأجهزة الأمن ، بطانة الفساد توحي لجلالة الملك أن الوضع على خير ما يرام وان ما يجري ما هو إلا تحرك تقف خلفه أحزاب فقدت بريقها ومصداقيتها وشعبيتها وتريد إعادة الأمور إلى نصابها ! البطانة السيئة هي التي تبعد أنظار الحاكم عما يجري من حقائق على ارض الواقع ، لأنها تعلم أن الإصلاح سيبدأ بها إذا ما حدث .
لم تفدنا دعوات المصلين وخطباء المساجد ونحن نردد خلفهم أن ينعم الله على الحكام ببطانة صالحة تدله على فعل الخير وتعينه عليه ، فأختبر الله البلاد ببطانة فاسدة عاثت فيها الخراب والنهب و استمرت تلك البطانات ولا زالت توحي للملك ما توحيه من كذب وتزوير خشية أن يفقدوا بريقهم ومصالحهم ومكاسبهم التي لم تتوقف عند حد .وخشية أن يضعهم الملك في اختبار ويوجه لهم سؤال لا يجيبون عليه وهو : وماذا كنتم تصنعون منذ سنوات !
ما يجري في البلاد لا علاقة له برغيف الخبز فحسب ، ولا علاقة له بعدم رضا الناس عن الحكم نفسه ، فالمسيرات الحاشدة تحمل معها دوما صورة جلالة الملك وتخرج برغبة دون توجيه و على أمل التغيير وإحداث الإصلاح المطلوب على كافة الأصعدة لاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية ، فما يجري اكبر من مسيرات عابره ، وما محاولات البعض رجال ونساء الوطن من حرق أنفسهم لم يكن سعيا وراء لقمة خبز ! بل نفاذ صبر احرق صدورهم قبل أجسادهم ، وما يجري ألان يا سيدي لا يعد أكثر من جولة أولى تتبعها جولات وجولات ، فلماذا التمسك بحكومة لا يرضى عنها أكثر من 111 مواطن ! ولماذا التمسك ببرلمان منح الحكومة الضوء الأخضر بل أضواء وكاشفات ضوئية عملاقة كبيرة تتيح لها اللعب وقتما وكيفما وحيثما تشاء !
الشعب الأردني يا سيدي يحبك ولا زال ، وأمله دوما معلق على توجهاتكم وإرشاداتكم واتخاذكم القرارات الصحيحة التي تعيد الأمور إلى نصابها ، تحارب كل فاسد ، وتمنع كل استنزاف لخيرات البلاد ، تحول دون حكم العائلات والشلل المقيتة التي كانت ولا زالت محط سخط الناس ، تمنع البلطجة ومدمني السطو على أموال البلاد في كافة مؤسسات الدولة ، وتحافظ على ما تبقى من مقدرات البلاد التي بيعت بأثمان بخسة جعلت من السماسرة حولك أصحاب ملايين لا تحصى ، نرغب بقرارات تحرم الاحتكار و تحول دون تقديم الإعفاءات والخدمات لمحتكري قوت الناس كما تفعل الحكومة اليوم مع العديد من التجار الذين ترتبط بهم علاقات المصالح والسمسرة والحصص ! قرارات تعيد للأحزاب قوتها وتواجدها دون خوف أو قلق من برامجها ، فلا زال الوطن همها رغم كل ما قيل ويقال بحقها ، ترسم للبلاد قانون انتخاب عصري يتباهى الناس به أمام العالم كله يعيد الاحترام و الهيبة لكل مؤسسات الدولة التي تتمايل ضعفا .
فهل ما يطلبه الناس إعجازا أم وهما !