باسم صالح الخلايلة
في ظل التوترات التـي تسود دول عالم العربي ابتداء بتونس مرورا باليمن وانتهاء بمصر والمطالبة بتغيير أنظمة الحكم في بلدانها وتغيير سياساتها الاقتصادية خاصة بهدف تحسين مستوى معيشة تلك الشعوب التـي عانت كثيراً مع قادتها الــتي لم تلتفت إليهم يوما ، واستمرت بسياسة التهميش لشعوبها وتغيبها عن صناعة قراراتها لسنين طويلة ، إضافة لنهب خيرات بلدانها وتجييرها لفئات معينة تلك المقربة من القيادة وساهمت في بناء ثرواتها والتـي أدت إلى تلاشي الطبقة الوسطى فيها واتساع رقعة الفقر وخاصة في مصر وتمركز الثروة لدى طبقة محددة وبمستويات خيالية .
إن الشعوب الثائرة في البلدان العربية لها الحق في المطالبة بحقوقها المسلوبة ومحاربة سياسة التجويع التـي مارستها عليها قياداتها وإنقاذ خيراتها المسلوبة فيها قبل نفاذها والبحث عن توزيع عادل لمكتسبات الثروة بحيث يشمل كافة فئات تلك الشعوب .
بالرغم من شرعية وأحقية هذه الثورات في تلك البلدان إلا أن الأسلوب التـي تمارس به هذه الاحتجاجات خاطئ كونه يغلب عليه طابع العنف والتخريب والدمار ، هذا الدمار الذي يطال مقدرات ومؤسسات الدولة وجامعاتها وبنوكها وانهيار اقتصادها وهبوط عملتها كما هو الحال في مصر التي خسرت مليارات الدولارات إضافة خسارة السوق المالي لديها بنسبة (25%) ناهيك عن الهبوط الكبير الذي طال الجنيه مقابل الدولار .
إن نزوح هذه الشعوب إلى أسلوب التخريب والشغب تجاه أجهزتها الأمنية وتجاه الممتلكات الخاصة والعامة سيرجع بلدانها إلى الوراء عشرات السنين حتى لو نجحت في تغيير القيادة فأنها ستحتاج لعشرات السنين لإعادة بناء ما خربته ودمرته الثورة .
من هنا ومن هذا المنبر الحر أرفع تحية تقدير وإجلال للشعب الأردني الوفي المنتمي الحكيم الذي عبر ويعبر عن رأيه وعن عدم رضاه عن السياسات الاقتصادية للحكومة و الكثير من القرارات الحكومية ، فان تعبيره كان بمستوى حضاري راقي ينم عن انتماء وولاء عالي المستوى في التعبير والرفض وحتى عندما ارتقى مستواه الاحتجاج إلى أبعد من ذلك بكثير والمطالبة بحل مجلس النواب وإقالة الحكومة فان المتظاهرين ومن مختلف الأطياف السياسية والنقابية وهيئات المجتمع المدني والمعارضة التـي كانت تعبر عن رأيها وتطرح مطالبها بأسلوب منطقي ومشروع اقتصر على المسيرات السلمية ورفع اليافطات التـي تحمل شعارات تضمنت مطالبها للحكومة وابتعدت عن كل الممارسات التـي من شأنها أن تلحق الدمار والتخريب للممتلكات العامة والخاصة .
إن السمة الرائعة التـي تضمنتها المسيرات التـي شهدتها بعض مدن ومحافظات المملكة هي التوافق والتناغم والانسجام بين كافة الأحزاب اليمين واليسار والنقابات خلال المسيرات وهتافها الموحد ومطالبها الموحدة والتـي حملت شعار واحد ووحيد كان يتخلل مطالباتها هو بالروح والدم نفديك يا أردن بالروح والدم نفديك يا أبو حسين .
حالة توافق أخرى مثالية سادت المسيرات ما بين المتظاهرين ورجال الأمن العام الذين اقتصر دورهم على تنظيم المسيرات وتوزيع المياه المعدنية والعصائر للمتظاهرين والأمر الذي أظهر ديمقراطية الدولة في ممارستها تجاه هيئات المجتمع المدني وإقرارها بحقها في التعبير عن رأيها بالطرق السلمية وهو الأمر الذي يؤكد على أن وطننا الغالي هو دولة مؤسسات راقية وعصرية تحترم رأي شعبها وتسعى إلى الأخذ بها وتحقيق الممكن منها وهو ما عكسته إرادة جلالة لملك وتوجيهاته للحكومة باتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بالتخفيف عن المواطنين ومساعدتهم في مواجهة الارتفاع الكبير في الأسعار وآخرها زيادة الرواتب بمقدار عشرين ديناراً .
وفي النهاية أوجه رسالــتي إلى الحكومة الرشيدة وأطالبها باتخاذ إجراءات جدية ويلمس المواطنين معها بالفرق واتخاذ ولو قرار واحد كبير ولو كلف الخزينة حمل إضافي ولكنه سيمتص غضب المواطنين وينهي احتجاجاتهم ويقطع الطريق على من يروجون إلى آن الأردن من الدول القابلة للانفجار ولنثبت للعالم اجمع بان الأردن قيادة وشعب في مركب واحد همهم إعلاء شأن وراية الوطن خفاقة عالية بإذن الله .
حمى الله الأردن حراً منيعاً آمناً مستقراً في ظل القيادة الهاشمية لجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه .