زاد الاردن الاخباري -
التسجيل الصوتي الجديد لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن جاء ليضاعف من مأزق الرئيس الأمريكي باراك أوباما خاصة وأنه تزامن مع الأزمة الداخلية التي يواجهها الديمقراطيون على خلفية فقدان الأغلبية في مجلس الشيوخ .
وكان المرشح الجمهوري سكوت براون فاز في 20 يناير / كانون الثاني بمقعد ولاية ماساشوستس في المجلس وذلك للمرة الأولى منذ 38 عاما .
وبالنظر إلى أن الولاية ظلت تصوت لصالح الحزب الديمقراطي لعقود كما أن المقعد الذي انتقل للجمهوريين هو مقعد السيناتور الديمقراطي الراحل تيد كينيدي ، فقد تضاعف خسارة أوباما لاسيما وأن كينيدي كان من أكبر المنادين بإصلاح نظام الرعاية الصحية .
فمعروف أن فوز المرشح الجمهوري سكوت براون بـ 51,8% من الأصوات ، في مقابل 47,2% لمنافسته الديمقراطية مارثا كوكلي تسبب في حرمان الديمقراطيين من أغلبية الثلثين الكافية لمنع الجمهوريين من تعطيل الأجندة التشريعية للديمقراطيين في مجلس الشيوخ في وقت يدخل فيه مشروع إصلاح الرعاية الصحية الذي يتبناه أوباما مراحله النهائية.
ويبدو أن ظهور بن لادن من شأنه أن يصب أيضا في صالح الجمهوريين خاصة بعد الانتقادات التي وجهها نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني لسياسة أوباما في إطار ما يسمى بالحرب على الإرهاب وتحذيره للأخير من تداعيات خططه لإغلاق معتقل جوانتانامو على أمن الولايات المتحدة.
رسائل وتهديدات
وكان زعيم تنظيم القاعدة ظهر في تسجيل صوتي جديد في 24 يناير / كانون الثاني أعلن فيه مسئولية القاعدة عن محاولة الطالب النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب لتفجير طائرة أمريكية أثناء أعياد الميلاد ، متعهدا في الوقت ذاته بمواصلة استهداف الولايات المتحدة في ظل استمرار دعمها لإسرائيل. واستهل بن لادن كلمته المقتضبة التي بثتها قناة "الجزيرة" قائلا :" من أسامة إلى أوباما ، السلام على من اتبع الهدى ، لو أن رسائلنا تحملها الكلمات لما حملناها بالطائرات ، الرسالة المراد إبلاغها عبر طائرة المجاهد عمر الفاروق هي تأكيد على رسالة سابقة بلغها أبطال 11 سبتمبر" . وتوعد زعيم تنظيم القاعدة في أول تسجيل صوتي له منذ سبعة أشهر أمريكا بالمزيد من الهجمات ، قائلا : " لن تحلم أمريكا بالأمن حتى نعيشه واقعاً في فلسطين ، ليس من الإنصاف أن يهنأ الأمريكيون بالعيش ما دام إخواننا في غزة في أنكد عيش ، بإذن الله غاراتنا عليكم ستتواصل مادام دعمك للإسرائيليين في غزة متواصل". التسجيل السابق يعتبر الأول في العام الجديد كما يعتبر السابع منذ وصول من أوباما للرئاسة اوائل العام الماضي ويأتي بعد أن كان أطلق في سبتمبر/أيلول الماضي شريط فيديو بمناسبة الذكرى السادسة لهجمات 11 سبتمبر شرح فيها للشعب الأمريكي أسباب تلك الهجمات . والمثير للانتباه أنه رغم قصر مدة التسجيل الأخير بالمقارنة بالتسجيلات السابقة ، إلا أنه يعتبر الأقوى في هذا الصدد لأنه لم يكن معتادا أن يسارع بن لادن لإعلان مسئولية القاعدة عن إحدى الهجمات كما حدث في هذه المرة وربما يريد في هذا الصدد توصيل عدة رسائل من أبرزها أنه بعد حوالي 9 سنوات من بدء الحرب على ما يسمى بالإرهاب ، فإن بن لادن مازال على قيد الحياة ومازال أمن أمريكا في خطر رغم المليارات من الدولارات التي أنفقتها واشنطن في أفغانستان والعراق . هذا بالإضافة إلى أن مسارعته لتبني حادثة ديترويت يبعث برسالة مفادها أنه مازال الزعيم المركزي للقاعدة وأن فروع التنظيم تتحرك بتوجيهاته ، كما أن هناك تنسيقا بين التنظيم الرئيس وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب ، وهي أمور تحرج إدارة أوباما التي رجحت أن تكون حادثة ديترويت ناجمة عن عمل فردي وليست عملية كان مخططا لها كما ظهر في تسجيل بن لادن . هذا بالإضافة إلى أن بن لادن يبدو وكأنه يدرك جيدا تدني شعبية أوباما ولذا فإن توقيت ظهوره في تسجيل صوتي جديد قد يكون مدروسا بعناية لتأليب الرأي العام الأمريكي أكثر وأكثر ضد أوباما الذي لم يأت بالتغيير للعالم والأمن للولايات المتحدة ، بل ويرجح أيضا أن التوقيت قد يكون مرتبطا بفشل جهود أوباما لاستئناف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وهو ما يعني أن بن لادن قد يملأ الفراغ في هذا الصدد عبر تكثيف هجمات القاعدة . أيضا فإن التسجيل الصوتي جاء قبل ثلاثة أيام من انطلاق مؤتمر لندن حول أفغانستان وهو ما يرجح أن بن لادن يريد توصيل رسالة مفادها أن هذا المؤتمر لن يحقق أهدافه في القضاء على القاعدة وطالبان . وبجانب ما سبق ، فإن أوباما الذي تعهد خلال حملته لانتخابات الرئاسة باعتقال بن لادن مني بفشل ذريع في هذا الصدد بل وفوجىء أيضا بانتشار القاعدة أكبر مما سبق . انتشار القاعدة وأشار التقرير إلى أن بريطانيا هي الحلقة الأضعف على الصعيد الأمني كما أنها تمثل تهديداً بالغاً للأمن الأوروبي نظراً للأعداد الكبيرة للمتعاطفين مع التنظيم من المقيمين في أراضيها. وأضاف أن بريطانيا برزت كأكبر مصدر قلق لأمن الولايات المتحدة في وقت تعمل فيه الاستخبارات الأمريكية للحيلولة دون وقوع مزيد من الهجمات عليها بعد الكشف عن محاولة النيجيري عمر فاروق عبد المطلب الذي درس في جامعة لندن تفجير طائرة أمريكية فوق ديترويت في 25 ديسمبر/كانون الأول الماضي ، مشيرا إلى أن فشل السلطات الأمنية البريطانية في تحذير نظيرتها الأمريكية تجاه عبد المطلب تسبب في توتير العلاقات بين واشنطن ولندن. ونقل التقرير عن مسئول بارز في الخارجية الأمريكية القول إن بريطانيا تشكل تهديدا رئيسيا لأمن الغرب نظرا لوجود عدد كبير من أنصار القاعدة التي تنشط في أراضيها ، قائلا :" نشاط القاعدة في بريطانيا أصبح مصدر قلق رئيسي لنا ، قدرة التنظيم على استخدام بريطانيا كقاعدة للتخطيط لهجمات يمثل تهديداً خطيراً لأمن بريطانيا والدول الغربية الأخرى" . ووفقا للتقرير ، فإن رئيس الاستخبارات الداخلية البريطانية " ام اي 5 " قدر في وقت سابق وجود نحو ألفين من المتعاطفين مع القاعدة في الأراضي البريطانية وهو أكثر تجمع للقاعدة في دولة غربي مما دفع بمسئولين أمريكيين لإطلاق لقب "لندستان" على العاصمة البريطانية . وتابع " تربك العودة القوية للقاعدة وسلسلة الهجمات العديدة التي أعدها التنظيم مؤخراً لضرب أهداف أمريكية المسئولين الأمريكيين ، من بين تلك العمليات ، هجوم قاعدة فورت هود الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني، ومحاولة الطالب النيجيري تفجير طائرة أمريكية ، بالإضافة إلى تفجير خوست الذي قتل فيه سبعة من عناصر الاستخبارات المركزية الأمريكية في أفغانستان ". واختتم التقرير قائلا :" دفعت الهجمات تلك بالمسئولين الأمريكيين للاعتقاد بأن القاعدة تعد العدة لسلسلة هجمات جديدة أخرى في 2010 بعضها ربما يستهدف بريطانيا بعد أن كشف الطالب النيجيري للمحلقين الأمريكيين بأن هناك 25 من عناصر القاعدة تلقوا تدريبات كاملة وعلى استعداد لتنفيذ ضربات جديدة ضد أهداف غربية ". التقرير السابق يحرج المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية مايكل هايدن الذي أشار مؤخرا إلى أن بلاده نجحت في تشتيت التنظيم وتدمير بنيته التحتية في العراق والسعودية ووضع ضغوط على شبكته التنظيمية في أنحاء العالم ، كما أنه يثير الكثير من علامات الاستفهام حول الطريقة التي سيتعامل بها أوباما مع القاعدة بعد الرسائل الأخيرة . الصورة المعدلة وسرعان ما خرج النائب الاسباني عن حزب "الوحدة اليساري" جاسبر لامازارس ليكشف المستور في هذا الصدد ، مشيرا إلى أن الـ "اف بي اي" استخدم إحدى صوره الشخصية لإنتاج صورة معدلة إليكترونيا تصور شكل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في الوقت الحالي. وطالب النائب الاسباني واشنطن بفتح تحقيق حول تلك الحادثة قائلا إنه يود معرفة ما إذا كانت الـ "اف بي اي" تعتاد حفظ ملفات عن السياسيين اليساريين في أمريكا وأوروبا وأمريكا اللاتينية. وأضاف " أرغب في تحقيق شامل في هذه القضية المخزية التي لا تسبب القلق فقط لكن أيضا الخوف والغضب بشأن سلوك الـ اف بي آي". وأشار إلى أنه صدم عندما اكتشف استخدم صورته وملامح وجهه لإنتاج صورة المطلوب الأول في العالم ، موضحا أنه لن يشعر بالأمان بعد الآن إذا سافر إلى الولايات المتحدة بعد ظهور شعره وأجزاء من وجهه على ملصق لأكثر شخص مطلوب أمنيا ، وتابع لامازارس قائلا :" إن من العار استخدام ملامح شخص حقيقي لعرض صورة معدلة متخيلة" . التصريحات السابقة جاءت بعد أن نشر الـ " اف بي اي " الصور المعدلة لزعيم القاعدة البالغ من العمر 52 عاما وهي توضح ما يمكن أن يكون عليه شكله الآن . وقال مسئولو الـ " اف بي اي " إنهم قاموا بتعديل صورة أرشيفية لبن لادن تعود إلى عام 1998 ، آخذين في الاعتبار تقدم العمر عشر سنوات واحتمالات تغير لون الشعر ، إلا أنه سرعان ما خرج النائب الاسباني ليفضح زيف الصورة السابقة ، وهو الأمر الذي يشكك بقوة في مصداقية أجهزة الاستخبارات الأمريكية . والخلاصة أنه بعد حوالي 9 سنوات من بدء الحرب على ما يسمى بالإرهاب ، فإن واشنطن مازالت تتخبط في مواجهة تنظيم القاعدة الذي يتوسع وينتشر في العالم باعتراف المسئولين الأمريكيين أنفسهم .
ففي مطلع العام الجديد وبعد أيام من حادثة ديترويت ، نشرت شبكة "سي ان ان" الإخبارية الأمريكية تقريرا مفصلا للاستخبارات الأمريكية جاء فيه أن تنظيم القاعدة نجح في إعادة هيكلة شبكته العالمية وأنه حالياً يمتلك قدرات واسعة لتوجيه ضربات جديدة ضد أهداف غربية.
السياسي الاسباني وصورة بن لادن المعدلة
ولعل ما حدث في فضيحة صورة بن لادن يضاعف من مأزق أوباما أكثر وأكثر ، ففي منتصف يناير ، نشر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي " اف بي اي" بالتعاون مع وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" صورا حديثة لزعيم تنظيم القاعدة وعلامات الشيخوخة تبدو على وجهه ليتمكنوا من ملاحقته وإلقاء القبض عليه ومن ثم تقديمه إلى العدالة في نهاية المطاف.