الاحداث المتتابعة في كل من تونس ومصر وما أفرزته من نتائج تمثلت في خلع الرئيس التونسي واجباره على الفرار تاركا ً بلاده الى جدة , وما نشاهده الآن في مصر والزلزال الذي يهز كرسي حكم الرئيس حسني مبارك أفرز جملة من الدروس والعبر لعل أهما ما يلي :
1- ان رهان القيادات العربية على صبر الشعوب العربية , وقدرتها على التحمل , وبالتالي سكوتها واستكانتها أثبت فشله , فلكل شيء قدرة على التحمل , والضغط لا يولد إلا انفجار في لحظة أثبتت القيادات العربية عدم مقدرتها على التنبؤ فيها .
2- أن رهان القيادات العربية على ان الشباب العربي بعيد عن السياسة , ولا هم له سوى كرة القدم , والأغاني ومتابعة خطوط الموضة , رهان فاشل , فقد تبين للجميع أن ثورة تونس قادها شباب غير مؤدلجين ولا مسيسين , وكذلك الأمر بالنسبة للحالة المصرية .
3- أن الأحزاب السياسية بمختلف تياراتها وتوجهاتها أثبتت عجزها عن قيادة الشارع , كما أثبتت الأحداث أن الشارع لا يؤمن بفكر هذه الاحزاب والتيارات , سواء الدينية , والأيدولوجية , وبالتالي تولى الشارع نفسه قيادة الأحداث وتولى زمام نفسه , وبات هو الناطق باسم نفسه , دونما حاجة الى من يقوده من أصحاب الياقات البيضاء , ورؤساء التيارات السياسية والدينية , بل والأهم من ذلك هو أن الشارع بات يقود التيارات السياسية والدينية و يوجهها ليتماهى خطابها مع مطالبه .
4- أجبر الشارع القيادات العربية على الاعتراف بأخطائها , ومحاولة تصحيحها , ولعل ما قاله الرئيس السوري بشار الأسد خير دليل على ذلك اعترف الرئيس السوري بشار الاسد بان الشرق الاوسط "مريض" بسبب عقود من الركود، وقال في حديث لصحيفة "وول ستريت جورنال" الامريكية انه يجب على القادة ان يطوروا انفسهم ومجتمعاتهم وان يستجيبوا لتطلعات شعوبهم.
5- أن جيل الشباب قادر على التواصل وتحديد تطلعاته مهما غالت الأنظمة العربية في فرض القيود , ويستوي أن يكون تواصلهم عن طريق النت , أو الهواتف , وهذا معناه أن هذه الأنظمة ما زالت تعيش في زمن الاعلام الموجه وتظن أن جيل الشباب يصدق كل ما تقوله على اعتبار أنه قرآن منزل وأن الحاكم صادق في كل ما يقوله على اعتبار أن شغله الشاغل هو الوطن وهمومه .
6- أثبت الجيشان المصري والتونسي أنهما ليسا وسيلة قمع مضمونة بيد النظام , وأن همهم الأول والأخير الوطن , ولا شيء سوى الوطن , بل على عكس ما يتمناه القادة أثبت الجيش أنه مع المواطنين حين تكون مطالبهم مشروعة , فكانوا هم ضمانة المواطن في مواجهة بطش القادة .
7- ثبت بما لا يدع مجالا ً للشك أن اميركا والغرب لاهم لهم سوى مصالحهم , ولا يعنيهم سوى من يخدم مصالحهم , ويلبي مطالبهم , وحين تدور به الدوائر يتخلون عنه بلا تردد , بل وربما قبل أن يلفظه الشعب , وبالتالي فإن الضمانة الأولى أمام قادة البلاد العربية هي شعوبهم , ومدى تلبيتهم لطموحاتهم وآمالهم , وتحقيقهم لمصالحهم .
هي دروس وعبر نتمنى أن يستوعبها باقي قادة الامة العربية قبل أن يفوت الأوان ويصبح البكاء على الأطلال هو حالهم , وتصبح كلمة لو , هي أقصى ما يقوله .
المحامي أيمن الحسون