في طفولتنا وفور وعينا ,كان البعض يرى من (بيبسي القزايز ) نوع من انواع (المنكر) والبعض الاخر حينما يحظى بشرب زجاجة من فترة لاخرى يكون ذلك اليوم من اسعد ايامه ’ حيث كنا نحن الاطفال نتباهى نكاية بالاخرين باننا شربنا (قزازة بيبسي ) رغم انها من كماليات الكماليات ..
حين نحظى بزجاجة ويقوم بفتحتها لنا (الدكنجي) نستمتع بذلك الصوت والدخان الخارج من فوهتها وكانه صوت اطلاق نار لاعلان الفرح الطفولي لبدء طقوس شرب الزجاجة ..نبدأ بشرب اول رشفة ويكون طعمها حارا داخل افواهنا الا ان طعمه مميز ,نتلذذ بذلك الطعم ونقول بشكل لا ارادي (أح ) ثم ننظر الى الكمية المتبقية بالزجاجة ,نأخذ نفسا عميقا ثم نعود للرشفة الثانية ولا ابالغ بالقول ان بعض الرفاق الشرهين والمتشوقين ونتيجة استعجالهم كان يخرج (البيبسي ) من انوفهم رغما عنهم ,
بعد الرشفة الثانية والتلذذ بالطعم وقول (أح ) والنظر الى الزجاجة تستمر الطقوس ويبدأ ينتابنا الخوف من نفاذ الكمية و فقداننا الهيمنة على الزجاجة ,فنلجأ الى ملأ فمنا والمضمضة ثم اعادة الكمية الى الزجاجة حتى لا تنفذ ونعود لننظر اليها من جديد , بعد استمرار تلك الطقوس ببطء شديد واستعجال (الدكنجي) لنا بامتعاظ لاسترداد الزجاجة وشعورنا بان حكمنا لهذه الكمية المتبقية بالزجاجة اصبح آيلا للسقوط نبدأ باختراع حيل أخرى على انفسنا وعلى من حولنا وعلى الزجاجة نفسها وذلك باضافة بعض الماء على الكمية المتبقية ليبدو ان كل شيء على ما يرام وان لنا الحق بوقت اضافي ومدة اخرى ..
يبدأ لون المحتوى بالتغير ويفقد طعمه ورائحته ولونه ,الا اننا نبقى مصرين على اننا اصحاب الشرعية بحكم الزجاجة واننا قادرون على عمل الاصلاحات اللازمه لاعادة التركيبة التي كانت عليها رغم انها ملت منا ومن تفاهاتنا المتواصلة لارضاء غريزتنا وشراهتنا..
بعض الحكام مثلنا نحن الاطفال يحاولون اقناع انفسهم وغيرهم بانهم مسيطيرون وسيقوموا باجراء ما يلزم من الاصلاحات لدوام التلذذ والهيمنة رغم ان كل شيء قد انتهى ورغم ان (الدكنجي ) مصر على استعادة الزجاجة ..