نعم هذه الخطوة التي تاخرت كثيراً ، ولكن ان تأتي متأخرة خيرٌ من ان لا تاتي ، والتاريخ يشهد عن علاقة متوازنة بين ملوك الاردن منذ تأسيسها وبين قيادات الحركة الاسلامية ، حيث افتتح الملك عبد الله الاول مؤسس الدولة الاردنية اول دار للاخوان المسلمين في الاردن ،كما قام الاخوان بالحفاظ على نظام الملك الحسين عندما حاولت بعض الاحزاب الانقلاب عليه، وتعاون الاخوان والملك في الحفاظ على الشارع الاردني وتماسك الدولة الاردنية اثناء ازمة الخليج الاولى والثانية ، اما الملك عبد الله الثاني فكان الاخوان من اوائل المبايعين له بالحكم وقد استجابوا لتعده بنزاهة الانتخابات عام 2007م وشاركوا فيها وتحملوا في سبيل ذلك تهم المشككين وصرخات الغاضبين على نتائج الانتخابات في حينها.
واليوم وفي هذه المرحلة من عمر الامة حيث تهب عليها رياح تغيير الانظمة والتي بدأت في تونس ولن تنتهي في مصر ولكن عدواها مرشحة للانتقال لتصل الى كل عربي من المحيط الى الخليج ، و الحالة الاردنية اذا كانت تريد ان تحتفظ بخصوصيتها من تناغم بين نظام الحكم وبين قيادة المعارضة فيجب ان يتبع هذه الخطوة خطوات حقيقية نحو الاصلاح والتغيير لنكون بحق نموذج يحتذى به على مستوى الوطن العربي ،إذ لا تكفي اللقاءات الشكلية والتلفزيونية ، بل يجب الانتقال مباشرة الى العمل وذلك بتغيير قانون الانتخاب وتشكيل حكومة تكنوقراط تضم الكفاءات الحقيقية ومن المشهود لهم بالنزاهة سواءً كان اعضائها من الموالاة او من المعارضة، واجراء انتخابات حقيقية حرة ونزيهة تمثل ارادة الشعب، وفتح ملفات الفاسدين الذين اغرقوا البلاد في مديونية تجازت العشر مليارات دينار ، ومحاسبتهم مهما كانت مراتبهم ، ومحاسبة المسؤولين عن تزوير الانتخابات الحالية والسابقة وافساح المجال للمخلصين من ابناء الوطن للمشاركة في حل مشاكل ارتفاع الاسعار والبطالة والمشاجرات الطلابية والعشائرية ، وكبح جماح الفساد الاخلاقي ، ومحاربة الرذيلة ونشر القيم الحميدة ، واعادة دور المسجد في التربية والتوجيه وعدم جعله حكراً على مجموعة من المنافقين والهتافين واعطاء حرية للاعلام تتناسب مع قيم الامة واخلاقها وتنشر الحقيقة بتجرد وان لاتكون فقط واجهات لكيل المدائح .
ان هذه الخطوة تاتي في الوقت الذي انتفض فيه اهل الاردن احتجاجاً على رفع الاسعار والحالة المتردية التي وصل اليها المواطن، وعلى طرفي المعادلة في الاردن النظام والمعارضة الاضلاع بمسؤوليتهم نحو تخفيف الاحتقان والتعاون لما فيه مصلحة الوطن والمواطن وإلا فإن التجارب المحيطة تعطينا درساً ان الكبت يولد ثورة لايقودها نظام ولامعارضة تكون نتائجها اراقة الدماء واتلاف الممتلكات ولن تقف حتى تحدث التغيير المطلوب.
سالم الخطيب