.. في الوقت الذي تعد فيه وزارة البلديات مشروع قانون بلديات جديد لإحالته إلى مجلس النواب لتجري استنادا إليه انتخابات المجالس البلدية هذا العام رغم ضيق الوقت المتاح أصلا ، فيؤكد القائمون على الوزارة انه استند إلى ملاحظات وخبرات رؤساء البلديات الحاليين ومنظمات المجتمع المدني على حد تعبير الأمين العام للوزارة ، ونستطيع القول ان القانون السابق قد مر بنفس الطريق الذي مر بها القانون الحالي لكن بتغيرات طفيفة لم تلامس جوهر المطلوب وظهر بالصورة المحبطة وغير الحضارية التي تنسجم مع توجهات البلاد وتقدمها وأفرزت مجالس بلدية أثبتت التجربة عدم نجاعة مواد القانون في النظام السابق بسبب العديد من الإشكالات والهفوات التي حملها القانون السابق وظهور طبقة مستفيدة جديدة اجتاحت بعض بلدياتنا تضاف إلى طبقات الفساد في بلادنا نظرا لما تشكله البلديات من فرص ذهبية تدفعك إلى مصاف أصحاب الملايين بخطوات قليلة وبزمن بسيط دفعت الحكومة للبحث في قانون عصري حد تعبير الحكومة يلبي حاجة البلاد الحقيقية وما وصلت إليه من تقدم وإدارة وتقدم علمي وتعليمي نباهي به العالم .
ليس من المعقول ونحن نتباهى بان نسبة الأمية في بلادنا هي دون نسب دول أقوى وأغنى من بلادنا سواء على مستوى العالم العربي او في أسيا نفسها ، ولا زال القانون يشير إلى شرط إجادة القراءة والكتابة للترشح لعضوية المجالس البلدية وخاصة في عمان واربد والزرقاء ، والتي تسلل إليها عدد لا بأس به من أولئك المواطنين غير الأكفاء وأحاطوا اجتماعات وأعمال المجالس بتوترات وصراعات مع الآخرين بسبب قلة الخبرة وضعف الاطلاع ورغبتهم الاستفادة من موقعهم رؤساء للجان العطاءات والتنظيم والخدمات والاكشاك والمجمعات والتعيينات العشوائية لما تدر عليهم من مبالغ مالية كبيرة أوصلت الكثير منهم الى مصاف أصحاب الملايين على حساب الوطن ومقدرات المجلس نفسه !! في الوقت الذي حاربت فيه الحكومة حينها أصحاب المؤهلات العلمية الرفيعة والمعهود لهم بالنزاهة ونظافة اليد من مختلف الأحزاب التي انسحبت من الانتخابات بعد الكشف عن التلاعب والتزوير الذي جرى منذ صباح يوم الانتخابات ! وأضاف الى بلادنا ملاحظة سلبية أخرى في تقرير منظمة الشفافية العالمي ! فماذا ننتظر من رجل لا يجيد القراءة والكتابة ان يحقق في تلك المجالس .!! وحتى منها إن أردنا التوسع فلا بد من تعديل قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب الذي يمنح القادر على كتابة اسمه فقط خوض انتخابات مجلس ولتشريع الأول في بلادنا ! وإذا ما استمر قانون البلديات على شكله الحالي فأن بضع أفراد وكما نعلم ومن أصحاب السوابق غير المتعلمين يعدون العدة لخوض التجربة هذا العام ! وخاصة من لا زال على رأس عمله ينتظر ان يتم تمديد عمل المجالس لعام أخر وخاصة في أمانة عمان ليحقق المزيد من المكاسب وحشد الناس حوله لتكرار خوضه الانتخابات القادمة !
وعلى صعيد عدد أعضاء المجالس البلدية وخاصة في عمان ، فأن خطيئة حل البلديات ال 23 التي تم ضمها الى عمان قبل سنوات لا يعني ان تستمر سياسة الترضية والحصص والتمثيل لتلك البلديات ليصل عدد الأعضاء الى 65 عضوا بين منتخب ومعين وكوتا نسائية! ويمكن لك ان تتخيل شكل المجلس إثناء اجتماع 65 عضوا وطريقة إدارة الجلسة والخطب وسبل إرضاء الجميع !! ولذلك فان هذا العدد من أعضاء المجلس في عمان قد تجاوز عدد أعضاء مجالس كبرى المدن في العالم بثلاثة او أربعة إضعاف ، فهل يعقل ذلك ! ولماذا لا تقسم مدينة عمان الى سبع او تسع مناطق فقط يضاف إليها عدد مماثل من المعينين ( لزوم ما لا يلزم ) لتخفيض عدد أعضاء المجلس ان أردنا مجلسا فاعلا وقادرا على العمل !
وعلى صعيد صلاحيات أعضاء المجالس ، فأن الأمل يحدو الناس إلى ضرورة تشكيل أو تأسيس ادارة من خارج البلديات ترتبط بوزارة المالية فقط تعنى بمشاريع العطاءات الكبرى وحتى الصغرى منها وسحب هذه الصلاحية من الأعضاء الذين أثبتت التجربة وجود إشكالات عديدة وشكاوي من إحالات عطاءات غير عادلة تتعلق بعلاقات شخصية أو منفعية مع المتعهدين والسماسرة استفاد منها البعض لخوض انتخابات مجلس النواب وقدموا استقالاتهم من بعض مجالس المدن ومنها عمان وجرى تعيين البدلاء دون أي سند قانوني بدل استدعاء أصحاب المركز الثاني الذين خاضوا الانتخابات ولم يحالفهم البعض وتلك خطيئة اخرى على القانون الحالي معالجتها .
ما قيل في التسيب والفساد الذي أحاط بمجلس بلدية عمان أكثر مما نشر وأعلن ، ورائحة الفساد والمحسوبية والتعيينات العشوائية لعشرات من الناس لا يعرفون موقع عملهم حتى الساعة وتوزيع خيرات المجلس من أموال ومحال واكشاك ورحلات سفر وترويح اكبر مما نتخيل ! فهل سيستمر الحال على ما كان عليه ؟ أم أن القانون القادم سيعالج مثل تلك الثغرات والسلوكات التي أتعبت وارهقت موازنة المجالس !!