كلما مرت الأيام محملة بالرياح والعواصف, وكلما توالت الأحداث على امتنا ومنطقتنا وعلى دولتنا الهاشمية, ونحن نتابع الاعلامي الغير الرسمي الذي مهنته وحرفيته تتأكد في نقله للحقيقة والواقع, الحقيقة التي تخدم أي قضية تكون مراد أي شعب او جهة او حتى دولة, الإعلام الذي أصبح قادرا وبكل سهولة على كشف أي مستور بالصوت والصورة, الإعلام الذي أصبح قادرا على تغير أي نظام عتيد قوي متمكن من أداوته, هذا الإعلام الذي لا يمكن القول عنه الا انه السيف ذو الحدين, حد يقطع الباطل ليعلن الحق حتى وان أخفى حقيقة ما, وحد يقطع الحق ليعلن الباطل حتى وان قال حقيقة تضر ولا تنفع, وهل هنالك حقيقة تضر لا تنفع؟؟, نعم ففي علم السياسة ومن مبدأ المصلحة العامة لأي جماعة انتظموا في دولة او أي كيان سياسي او اجتماعي هنالك حقائق يكون نشرها مضرا وإخفائها او حتى تزويرها فيه المصلحة العامة, السياسة فن الممكن ولا دين لها, وكلما كنت قادرا على الكذب دون ان يظهر عليك كلما كنت سياسي ناجح, ليس تأيدا للفكرة وإنما إقرار بوجودها, ولكن بين هذا وذاك وفي ثنايا الامور وتفاصيلها, يبقى الحكم الصحيح على أي مشروع او أي أسلوب من خلال النتائج والخواتيم لأي منهج متبع, كان عبدالله بن الزبير على حق ولكنه فرق الأمة, وكان ابن مروان على باطل ولكنه وحد الأمة.
من هنا انطلقت في البحث والتفكير بقناة الجزيرة من قطر, بحثت في كثير الأحداث والمواقف, تمعنت في جميع برامجها الخاصة بالاستقرار والكيان السياسي العربي, قرأت الكثير عنها ما لها وما عليها, وحتى لا نبعد كثير ففي الأحداث الأخيرة القريبة على عقولنا ولا اقصد مصر وتونس والسلطة الفلسطينية, وإنما بدأت من حيث سقطت بغداد, من هنالك وأنا كلما شاهدت قناة الجزيرة اصمت باحثا عن جواب لسؤالي لماذا هذا؟؟, لماذا ساهمت الجزيرة في تضخيم القدرة العسكرية للنظام العراقي السابق, لماذا ساهمت الجزيرة في تصوير العراق على انه قادر على تحطيم امريكا, لماذا أقنعت الجزيرة العالم كله ان صدام يمتلك الأسلحة اللازمة لردع أي عدوان, حتى صدق العراقيون أنفسهم كذب الجزيرة, حتى وان غلفت الكلمات والبرامج بحبهم لبغداد وعشقهم لعروبة العراق, الا ان نتائج برامجهم وتوجهاتهم وسياستهم الإعلامية كانت وبال شر على الأمة العربية كلها, هم أنفسهم لاحقا اقنعوا العالم كله بما حصلوا عليه من برامج ان الخلاص من النظام العراقي هو عمل شريف وحر, هل اجتهدوا فاخطئوا؟, هل كانوا مجتهدين وأصابوا فيما يريدون او فيما يريده من يسخرها لأهدافه.
قبل الحديث عن الأحداث القريبة جدا, كيف يكون لنا جميعا ان نتفق على ان رأس قناة الجزيرة وزير خارجية دولة قطر المدعو حمد بن جاسم, انه على علاقة وثيقة جدا مع الكيان الصهيوني, وان له استثماراته الهائلة في تل أبيب, كيف لنا ان نتجاوز فكرة ان كثيرا من الإشاعات تصدر من هنا وهناك ولكننا دائما نعتبر نصف الإشاعة حقيقة, الا إشاعة حمد بن جاسم لا يراد لنا ان نصدقها او لم يعمل من اجل تصديقها, فبرنامج الاتجاه المعاكس للذي يبول من فمه فيصل القاسم لم يخصص حلقة من اجل هذه الشائعة, و المخدوع على أمره احمد منصور لم يحاوره ويكشف له وثائق تثبت صحة ما يقال, ولعله لم يملك تلك الوثائق او تراه يملكها فهل يستطيع ان يعلنها و من هنا من عمان, مع كل هذا الحديث عن حمد بن جاسم ننسى او نتناسى انه هو المحرك الوحيد لقناة الجزيرة وراسم سياستها والمسيطر فيها على كل حرف او صورة تبث, صديق إسرائيل الذي ابلغ أبو مازن يوما وعلى الهواء مباشرة انه اذا لم يستطع الحضور من إسرائيل بسبب عدم حصوله على فيزا لحضور مؤتمر القمة العربية في الدوحة, فانه سوف يتصل مع حكومة تل أبيب وسيسمح له بالمرور, صرح بها والكل سمعها, طبعا كان المؤتمر من اجل غزة وأحداث غزة التي غطتها قناة الجزيرة حصريا بكل إمكانياتها كما يدعون, وحين نقول حصريا قصدوا هم بها القنوات العربية الرسمية او الغير رسمية, وطبعا الفوكس fox والسي ان ان cnn والبي بي سي bbc كانت تغطي كل شيء, ولكن الجزيرة وحدها سمح لها ان تعطي العرب ما يجب ان يعلمه العرب دون غيرهم من العالم كله.
حين يعلن بعضا من العالم الحر أنهم مستعدون للاعتراف بدولة فلسطين معلنة من طرف واحد, وحين تصرح مصر والأردن والسعودية ان إسرائيل متعنتة وان امريكا مطنشة ولا تقدم أي برنامج حقيقي لتحريك المفاوضات وإنجاحها, حين يتعنت الفلسطينيون المفاوضون ويعتقدون أنهم يملكون دعما عربيا لا باس به, حينها فقط تعلن الجزيرة انها تمتلك وثائق تثبت خيانة السلطة وبيعهم للقضية, وحينها فقط تغطي الجزيرة ثورة الشارع المصري التي كان من الممكن ان تنتهي بإعلان الرئيس مبارك عدم نيته هو او أولاده الترشح للرئاسة والرحيل المبكر, الجزيرة ومن خلال شبكتها القوية والواسعة تساهم في منع انتهاء حالة الغليان والهيجان, لتتحول الثورة الشرعية للشعب المصري الى غوغائية تدمر مصر وتخرجها عن الطريق الصحي لها ولنا جميعا, حين يفاوض الشباب المصري في ميدان التحرير حكومتهم ويكادون التوصل الى انهاء الأزمة تقرر الأحزاب الخروج بالمظاهرات وتوسيع رقعة الثورة, وفي خضم تغير حكومة اردنية مكروهة شعبيا بحكومة اخرى كلينتون و اوباما يصرحون ان الاردن بحاجة الى إصلاح سياسي فوري وسريع, تماما كما طلبوا ان يرحل مبارك الان وفوريا وسريعا, حين يصلون الجمعة في الإسكندرية بإمامين اما العالم كله, وينفجر أنبوب الغاز ويتحدث الاعلامي المسؤول الإيراني باللغة العربية وتبتعد بيروت عن بقعة الضوء ليتفرد حسن نصر اللات فيها.
تحية لكم جميعا يا من بادرتم الى الدفاع عن الاردن الهاشمي إبان حلقات فيصل القاسم التي لم تخلو حلقة واحدة منها دون الإساءة للاردن نظاما وشعبا وموقفا, تحية لكم يا من أعلنتم لعنتكم على القاسم والجزيرة, وألان ما الذي يعميكم على أنهم سلسلة مترابطة في بثهم المباشر من أي مكان وفي أي زمان, الاتجاه المعاكس هو محصلة أعمالهم ومخططاتهم ضد عديد الدول والأنظمة العربية, وألان يغلفوها بشعار الثورة والشعب يريد إسقاط النظام, الان الجزيرة تقول حقا وتنطق حقيقة, وكم من كلمة حق يراد بها باطل, الان أصبحنا ندافع عنها لماذا لأنها محترفة إعلاميا وقادرة على تقديم المعلومة مغلفة بشكل جميل ومقبول ومرغوب به من قبل العامة والشعوب, تماما كالفطر السام براق ملون أزهى وأجمل الألوان, الان فقط نكتشف ان الجزيرة هي قناة الحقيقة المعتمد عليها في حقيقة الأخبار والأحداث, او تراه حمد بن جاسم يغضب شركائه الصهاينة ويضر بمصالحه في تل أبيب وشواطئ إسرائيل من اجل ان تقول الجزيرة حقا وحقيقة, أم انها مستمرة في نهجها وتقدم ما يخدم مصالح أميرها ومالكها وشركائه؟؟.
قناة الجزيرة في خطر, لان التاريخ اثبت ان العملاء وحدهم الذين ينحنون في نهاية الامر, لان التاريخ لم يترك استثناءا للقاعدة التي تقول: من يبيع دينه وضميره وأمته لا بد ان تكشف الرياح حقيقتهم, وبالتالي فان قناة الجزيرة من قطر فعليا هي في خطر, وادعوا بالتالي جميع الأحرار والشرفاء من جميع الشعوب العربية العاملين فيها ان يتركوها ويعودون الى أوطانهم بكل حرية وفخار وشرف, و أُناشد الحكومات العربية وحكومتنا أولهم ان تضع في حسبانها هذه النقطة وان تراعي هؤلاء الاردنيون العاملون في قناة الجزيرة ليعودوا ويتركوا هذا الباطل وهذا العمل الدنيء من اجل النوايا الدنيئة, اما ان تحب وطنك وتعشقه وأنت تعمل في مؤسسة او جهاز يريد هدم وطنك بحجة باب الرزق, فالرزق على الله, وان كان بحجة عدم الاقتناع بخبث نواياهم فها نحن نسلط الضوء ولن نتوقف وسنستمر في نفس المنهج ونفس المتابعة لقناة الجزيرة والقائمين على قناة الجزيرة مهما علا سلطانهم وكثر مالهم وقويت شوكتهم, فالله معنا ولا بد يوما ان يلعن الظلام وينجلي الليل وتشرق شمس الحقيقة.
حازم عواد المجالي