زاد الاردن الاخباري -
كتب : تيسير النعيمات - “مزاج حاد”.. يتغلغل في الآونة الأخيرة ليسيطر على الأردنيين ومؤسسات المجتمع المدني والاحزاب، ما أوصلهم إلى حد التشكيك بأي قرار أو تصريح لأي مسؤول، ورفض هذا القرار، والسخرية والاستخفاف بسلوك وتصريحات المسؤولين وقرارات السلطة التنفيذية.
الأمور وصلت حدا تجاوز كل ذلك، إلى الاساءة الشخصية، بل وتخللها الذم والقدح والتشكيك بالذمم المالية واتهامات بالفساد الإداري، ويظهر هذا جليا وواضحا فيما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية.
ونتساءل هنا: ما هي الأسباب التي جعلت المزاج العام حادا؛ بل ويبدو عبثيا، رافضا لكل شيء ومشككا في كل شيء، وساخرا من كل شيء.
لا بد بأن هناك مجموعة أسباب أدت لذلك؛ فالأردني بطبعه متفهم صبور يحب وطنه، طموح، وعلى استعداد للعطاء والتضحية من اجل بلاده وامنها واستقرارها وازدهارها.
في المقابل؛ ما مدى تحمل المسؤولين والحكومات المتعاقبة وسياساتها، لا سيما الاقتصادية لمثل هذه الحالة التي جعلت مزاج الأردنيين حادا؟
وهل يلمس المسؤولون هذا المزاج، عندما يتعاملون مع الرأي العام في تصريحاتهم وسلوكهم ووعودهم وقراراتهم؟
وهل يرتقي الخطاب الرسمي؛ الى درجة دراسة أسباب هذا المزاج، وما هي الطريقة المثلى للوصول اليه ومخاطبته، ليكون هذا الخطاب مقنعا، كي تتمكن الحكومات اولا من اقناع المواطن وتمرير القرارات؟
دأبت الحكومات المتعاقبة على إطلاق وعود سنوية، تقول إن العام المقبل سيكون أفضل اقتصاديا ومعيشيا للمواطنين، وان رفع الضرائب والرسوم لا بد منه، لتخفيف العجز في الموازنات وتقليل المديونية، ليكتشف المواطن في العام الذي يليه، بان العجز قد زاد، وبان المديونية قد ارتفعت، وبان احواله المعيشية أصبحت أكثر صعوبة.
كما أن عملية اختيار أشخاص لتولي سدة المسؤولية في مواقع مختلفة، بعيدين عن المواطنين وهمومهم وآمالهم، وبعضهم ينقلب على خطابه ومواقفه التي كانت تتفق مع واقع أمر المواطنين، عندما يتولى منصبا، فيضرب ثقة المواطن بالمسؤول في مقتل.
كما ان هناك من المسؤولين من يغير الخطاب بعد خروجه من الموقع العام ويعارض السياسات الحكومية، بعد ان كان يدافع عنها، ويصبح خطابه بعد الخروج، مشحونا بالتدليل على عدم صحة الحكومة وتخبطها، وهذا بالتالي، افقد المواطن ايضا ثقته بالخطاب الرسمي.
وايضا؛ فان غياب المنطق عن خطاب المسؤول، بل وتناقضه أحيانا يؤدي لحالة عدم الثقة ويتسبب بالمزاج الحاد للرأي العام.
ان غياب الاستراتيجية الإعلامية الواضحة وغياب الشفافية والوضوح، وعدم التواصل مع وسائل الاعلام المختلفة، والافتقار لخطاب متماسك يؤدي الى هذه الفوضى في وسائل التواصل الاجتماعي.
وهل يرتقي الإعلام لمستوى التعامل مع هذا المزاج ام انه جزء من المسؤولية؟
اخيرا؛ هل تدرك حكومة النهضة، وجود مزاج شعبي حاد؟ وهل تدرك أسبابه- وهي قطعا؛ تتحمل مسؤولية الوصول اليه من الحكومات المتعاقبة -؟ وهل تعلم كيف تتعامل معه؟ فالمزاج الحاد؛ دليل يأس واحباط، ولا يمكن الوصول للنهضة وتحقيقها، أو حتى البدء بها في ظل مثل هذا المزاج.الغد