.. تأتي لقاءات الرئيس المكلف معروف البخيت مع الأحزاب والنقابات والفعاليات الوطنية والبرلمانية وما أشيع من إقراره بضرورة العمل على تأسيس نقابة للمعلمين وكذلك ما تردد عنه في ضرورة إعادة النظر في آلية مدونة السلوك الإعلامي ، لن تكون أكثر من رماد يذر في العيون بهدف تخفيف حدة الرفض الشعبي والحزبي والنقابي لتكليف الرجل ومحاولة تسويق نفسه كرجل مرحلة في ضل رفض واحتجاج شعبي على ما آلت إليه حالة البلاد من تراجع في الأداء على مستوى الإنتاج والخدمات وانتشار مظاهر الفساد والشللية والمحسوبية والأوضاع الاقتصادية الحرجة ، ولا زالت صورة إدارة الرجل للانتخابات البلدية والبرلمانية لعام 2007 حاضرة في أذهان الناس وما آلت إليه الحال في شكل وفعالية المجالس تلك ، الى جانب العديد من الملاحظات التي تؤخذ على حكومة الرجل السابقة في العديد من شؤون الاستثمار غير الناجح الذي كلف البلاد ثمنا غاليا والاختيار غير الموفق لعدد من الوزراء اذ زال الناس يذكرون اعتداء احد وزرائه من الأصدقاء المقربين على احد المواطنين في مكتبه !! وكذلك ما يتعلق بإدخال الأغذية واللحوم الفاسدة الى البلاد ، واعتداء رجال الأمن على المطالبين بنقابة للمعلمين امام رئاسة الوزراء في عهده !
الإصلاحات لا تتم وفقا للرغبات الآنية والتسويقية ، والإصلاح لا يبدأ دوما بتجريب المجرب ، فالموضوع يتعلق بثقافة التغيير والرغبة الملحة بالوصول إلى الأفضل ، فثقافة الرئيس أي رئيس مكلف تأتي استجابة لظروف اقتصادية واجتماعية ومتطلب إجباري للوصول بالبلاد الى بر الأمان بعيدا عن المحسوبية والشللية والفئوية وتدخل المقربون من الملك لحجز مقاعد وزرائهم ، فالشارع الأردني الذي خرج على مدار الأيام والأسابيع الماضية لم يكن شعاره فقط تغيير الحكومة بقدر ما كان يتطلع إلى إعلان النية بإجراء إصلاحات شاملة تناط مهمتها برجل يثق الناس به ويعلمون علم اليقين بمقدرته على تحييد التدخلات في تشكيل حكومته والبعد عن نظام الحصص الذي يجري تداوله منذ سنين ! إذ يتداول الناس هذه الأيام العديد من الأسماء المقربة للرئيس المكلف من زملاء سابقين في الجيش وجيران ومحسوبين وحصص مماثلة للمقربين من الملك ولن تخرج الحكومة ولو قل عدد أعضائها عن التشكيلات السابقة .
ومن هنا، فقد رفضت العديد من الأحزاب والقوى الوطنية المشاركة في الحكومة ضمن قناعة تلك القوى أن التغيير لا يكون بالإلية المطروحة حاليا،ولأنها لم تشاور أصلا في اختيار الشخصية الوطنية القادرة على حمل لواء التغيير المنشود ، ولأن طلب المشاركة في الحكومة لا يتعدى أكثر من اصطياد القوى وإشراكها باللعبة لفترة آنية وتهدئة الشارع في ضل منهج ثابت لا يتبدل في آلية تشكيل الحكومات في بلادنا والتي يستبعد ان يفلت منها الرئيس المكلف لأنه لا يملك القدرة على تخطيها وتجاوزها ولأن برنامجه السياسي يخلو من أية إصلاحات فعلية وفورية يطالب بها الناس والمتعلقة بالعمل على إقرار قانون انتخاب عصري تشارك في صياغته مجمل القوى والفعاليات الشعبية والحزبية والعمل على حل مجلس النواب وإقرار قانون ديمقراطي وعصري للمجالس البلدية ووضع آلية ممنهجة في انتقاء وتعيين كبار موظفي الدولة ووقف الاعتداء على الدستور وخرقه من قبل بعض الحكومات ومحاربة الفساد وإحالة الفاسدين إلى القضاء ضمن سياسة الإصلاح المنشودة وليس وفقا لسياسة تصفية الحسابات ، ووقف سياسة احتكار استيراد السلع الأساسية لبعض المقربين وسطوة التجار الذين شكلوا سلطة تنفيذية عظيمة لا يقوى على مواجهتها احد ! فهل تملك حكومة الرئيس المكلف مثل تلك الخطوات والتصريح الملزم بالعمل على الإصلاح المنشود في ضل الحكومة المزمع تشكيلها ؟ أم أن الحال سيبقى على ما هو عليه لا يتعدى أكثر من تغيير الطواقي التي تتم كل تشكيل يجري في الأردن !