أربعمائة شَهيدٍ في عَشْرةِ أيــَّـام.... وُسِّدوا في التَّرابِ دَفينــــا... بِصَبرِ أعوامٍ ثِقـَــال ....لَيْسُوا على يدٍ صهيونيَّةٍ مُغتصبةٍ وَبيــلا, وللدَّمِ العربيِّ قتْلاً جُزافـــا... بــل ببطْشِ زعيمٍ تَحْمِلُ دماؤهُ, خَلايـا عَربيَّــة نُتُـوءاً ونَشـــازاً........ زُعماءٌ كالبَطلةِ السَّحَرَةِ, وعُملاءُ السُّلطــــانِ زوراً وبُهتــانـــا...... َقُلُوبهمْ قُلُوب الذِّئَاب, لا تعْرِف مَعْرُوفًا وَلَا تنْكِر مُنْكَـــرًا........ خرجوا من بين ظَهْرانينـــا.... وللكيانِ الصُّهيونيَّ عَوْنــاً و ظَهِيـــرًا...... ولإخوتهم بغزَّة تَجْويعـاً وحِصَــارا..... ولأمريكا سمعاً وطاعة,لا يَخْشَوْنَ فيها لَوْمَةَ لائمٍ أو رفضاً قـــراراً....دمٌ عربيٌّ اسْتَصْعَبَ العزَّةَ والكَرَامة.... واستَسْهَل الإهانةَ والهَوانـــا........... لَعَمْرك لا تَعْجَب, فما لجُرْحٍ بميّتٍ إيـــــلام؟!............علّهم يذوقوا وبالَ أمْرِهِمْ من الحَسْرَةِ والنَّدامَــة....... زُعماءٌ ما لهم إلاّ جَهنّمَ حَطَبـــا .......قاسِطُونَ في الحُكْــــمِ, جَاسُوا خِلالَ الدِّيــــارا ............. ولم يعودوا على قومهم إلاَّ ظلماً ومِلحاً أَجَاجـــاً .. .... يُسيِّرون الرَّعيَّةَ من ورائهم وكأنَّها قُطعانُ أغْنـــام..... ليس لها حقٌ في العيشِ الكَريمِ والأنـَـــام... أو بِصَيْحَةٍ تُوقظُ منْ هُم في السُّباتِ الهُيـــام...... , وكأنَّ لمنارةِ الحُكْمِ زعيماً مُخلَّــــــدا؟.... وللموتِ جُنوداً أشَاوسَ وحَرَســـا... أو بُروجاً مُشَيّدةً تَقيهم وصَبـــا.... مضطجعين على رَضْراضٍ من الياقوتِ والذَّهبِ, بعد أن درّت الأموالُ لقاحهــا..... وتَخطَّى التَّرَفُ المَنْهُومُ كَوابِحَ الضَّميـــر.... وباتوا في عيشٍ رَغيـــدٍ مُنعّمـــا, تَخُبُّ في النَّعيمِ خَبَّـــاً, وتَعُبُّ من المَباهِجِ عبَّـــاً ..... لهم من اللبسِ الْمُرَقَّقَــا, و مِنْ الْبُقُول الْفُسْتُقَــا... كُنوزُ كِسْرى وقَيْصَر وقَارون, وملياراتٌ كالطّودِ لهم حقٌّ جِبايـــة.... وبنوك بريطانيا ونيويورك وسويســـرا... لهم رفـــدٌ وسنامٌ بصكٍّ مُوثّــقا.... وعقاراتٌ وقُصورٌ تَمورُ موْرَ السَّحابِ وَهَلُمَّ جَـــــرًّا....دعنــي الآن, فقد سئمتُ, وبات رأسي يتصدّعا, ولم أعُد أطيقُ عَــــدّا.... لله درُّك ليس حَسَدا, بل من أينَ لَهُم هـــــــذا؟! أمِنْ قوتِ الشَّعبِ.. أمْ مِن قرع عَضَلاتهم التي تؤُزُّنــا أزَّا؟!....... وأبْصِر بنظرك إلى الرَّعيّةِ ليسَ لها من الرِّزقِ كِفافــــاً ..... لا بل على الحَصيرِ يتضَّوّرون جُوعــــــاً.... وقبوراً صارت لهم مأوىً ومَثــــوى...... جراحُهم تَصْرُخُ بِلا دَواءٍ ولا مَشفــى......أمَّا دِمَاؤهم فلها حِكَايَةٌ أخـــرى.... فليس لها قيمة أو وزْنــا. رُموزٌ وشعاراتٌ قيلاً سَرابـــــا,....... ..... يُقتَّل الثوَّار بأيديهم وأمام ناظِرَيهم عَيانـــــا...... ويُدْهَسُون بإطارِ عَجَلات سيَّاراتِهم الفارهةِ عُتوّا وطُغيَانـــا.... وكأنَّهم دُمىً ملقــاةٌ في الشوارعِ, لتُشبِعَ نَزْعتهم السَّاديّـــةُ... فسكبُ الدِّماءِ يُباري السَّيلَ جريانــا..... وفي السُّجونِ, الأسرى يُلقَّونَ تَعذيباً ونَكـــالا... على أيدٍ زعاماتٍ وسَلاطين ليْسَ لَهُم ذِمَّة ولا إلاّ .... شهداءٌ اتخذوا للحيِّ القَيُّومِ السَّرْمَديّ الأبَديّ سَبيلاً........ ثاروا على الظلمِ والاسْتِعْبادِ وعلى البَاطلِ غِضابـــا............ فجاءت ثورتُهم للملأ مَنشُوراً كتابــــا.... وطوَّقتهم طوق الحمامِ سِجَــــالا..... يذودون عن الضُّعفاءِ حصناً وسدَّاً مَنيعــا.... ......... اِنْقَلَبُوا على الزُّعَماءِ مِنْ النِّقَم وَالنَّكَـــــال.....في رُقْعةٍ من الأرضِ... سَمُّ الخياطِ فيها مَعَ الثوَّارِ مَيدانـــا......صبرٌ جميلٌ والله المستعان.....سيكنسهم التَّاريخُ بِمكنسةِ القُمامــة, كفرعون الطَّاغيَة وهامـــانَ...... بئس بهم المنزلُ والمَقيلُ مَقَامــا.... لَمْ يَحْذروا فُحْش تَقَلُّب الْأَيّـــــَام ...... ودعوة الْمَظْلُوم يوم القيامة, يَرْفَعهَا اللَّه دُون الْغَمَــــام... وَتُفْتَح لَهَا أَبْوَاب السَّمَاء...
حذارِ من غضبة الجبَّـــار... فمن غضب عليه فقد هـــوى....
.... ولإخوتنا في كل بقاعِ الأرضِ نرفع أكفَّنا للسماء بِدعْوانـــــا .....باسم الذي سَخَّرَ الرِّياحَ لسليمان رخاءً حيث أصَـــاب ......وأنجى نوحاً من الكَرْبِ العظيـــم ....ومُسخِّر بطن الحوت لذي النون سجناً لا رزقــاً.....ومُنَجيهِ من ظلماتٍ ثـــلاث..أن تنجي إخوتنا, مِنْ بَعْد خَوْفهمْ أَمْنًا وَحُكْمــاً ... ويَا مَنْ كَانَ قَبْل كُلّ شَيْء, وَالْمُكَوِّن لِكُلِّ شَيْء, وَالْكَائِن بَعْد كُلّ شَيْء, اِجْعَلْ لَهم مَخْرَجًــــا ......
سيقول بُسطاء العقول, ومن لا يتجاوز تفكيرهم أرْنَبَة أنوفهم, ولا يتعدَّى مواطئ أقدامهم, مالنا ولما يحدث في فلسطين, أو مصر, أو تونس, أو لبنان أو العراق, أو غيرها , إنها شؤون داخلية , مالنا بها مغنما بتأييدٍ أو معارضةٍ أو هتافــا... ويستشهدون بمقولات ليست لها ههنا مكانــا(أهل مكة أدرى بشعابها), وأين نحن من حديث نبينــا, المؤمنون كالجسدِ الواحد,من لم يهمه أمر المسلمين فليس منهم , فكيف لا نتداعى لهذا العضو بالسَّهرِ والحُمَّـى, وهم يُقتّلون أمام مرأى أعيننا, ويستنجدون بمؤازرة, ممن حولهم ولو بكلمةٍ أو حرف؟!
هل سنخلو من أسمى معاني الإخــاء, والتعاطف والتوادّ والإنسانيَّة, التي فُطرنا عليها؟! وسنتقوقع على أنفسنا بنرجسيتنا . وكيف لا تسترعينا ثورة كرامة الشعوب, التي يعتقد البعض بأنها مؤامرة محبوكة, وإيديولوجية سياسيَّة خارجيَّة, وهل يحتاج الدم العربي الأصيل, إلى تدريب وحنكة ومؤامرة, ليثور ضدّ الظلم والطغيان؟! ......
استوقفني في إحدى الوكالات الإخبارية المتلفزة أن
هذا الزعيم (العربي) يمتلك رصيدا, يُقدر بـ 70 مليار دولار , علماً أن 40% من شعبه يعيش تحت خط الفقر,سرعان ما لهج لساني بسؤالين من أين ؟ ولماذا؟ ألن تكفي بُعيضاً من هذه المليارات, التي يكتنزها هذا الزعيم, لإنعاش أفراد شعبه أم لا ؟! الزعيم الذي يملك هذه المليارات, ويفرض على شعبه الضرائب, ويساومهم في قوتِ عيشهم من أجل ماذا؟ من أجل أن يكنز؟ أيُّ رموزٍ ومعانٍ إنسانيَّةٍ يَحْمِلُ في قلبه وعقله, وأيُّ انتماءٍ وولاءٍ يحمل لترابِ وثرى وطنه, فكيف لأمثالِ هذا الزَّعيم, أن يقود هذا الرَّكب العظيــــــم.أجد في النهاية, بأن بعض زعمائنا يُعانون من أزمةٍ وإن تجاوزوها سَتُحلُّ أغلب قضيانا العربيَّة أجمع, ليست أزمة سياسيَّة ولا اقتصاديَّة, بل أزمة أكبر من ذلك بكثير أشعر وكأنَّ لسان حالكم يُشاطرني بها وهيـــــــــــــــ.............؟؟؟؟! الصَّمت أبلغ.
أدعوكم الآن للوقوفِ معي على الأطلال, نعم على الأطلال,أعي تماما بأن الزَّمان ليس الزَّمان,ولكنَّ الإنسان هو الإنسان , والخلافة هي الخلافة, وإن لم نتعظ بأقوالهم وأفعالهم بمن نتعظ إذا؟! أذكِّركُّم,بــ الخليفة "عمر بن عبد العزيز",الذي ما أن تسلَّم الخلافة , تنازل عن النَّعيم المترف, من قصورٍ وأراضٍ, لبيت مال المسلمين , وجلسَ للناسِ على الحصير,لماذا ؟! كي يُثبت أن السُّلطة خضوع كامل لحقوق الناس تجاهها,وليُخلِّص السلطة من بذخها واستعلائها, وقال كلمته العظيمة , "لستُ بخيركم , إنَّما أنا رَجلٌ منكم, غير أنِّي أثقلكم حِمْـلا". أخي الفاضل , أختي الحبيبة , تمعَّنا بالمعاني والرموز التي تحملها السلطة في زمانهم وزماننا ؟ مُفارقات مُحيِّــــرة؟!!